• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الجمعة 22 نوفمبر 2019 على الساعة 20:00

الدخيسي “بدون لغة خضب”.. التجسيد الجديد لمفهوم الأمن

الدخيسي “بدون لغة خضب”.. التجسيد الجديد لمفهوم الأمن

نوفل البعمري

الكثيرين تتبعوا وتابعوا حلقة برنامج “بدون لغة خشب”، الذي يعده الإعلامي رضوان الرمضاني، التي استضاف فيها مدير الشرطة القضائية، محمد الدخيسي، هي الحلقة بالنظر للكثير مما طرح فيها تجعل من الحديث اليوم عن المفهوم الجديد للممارسة الأمنية أصبحت واقعا عمليا تم التأسيس له منذ خطاب الملك حول المفهوم الجديد للسلطة، ودخول المغرب لما أصبح يصطلح عليه بالعهد الجديد، هذا العهد الذي كان الجهاز الأمني ضمنه، وواحد من الأوراش التي فتحت لملائمته مع مختلف التطورات والسياسية التي عاشها المغرب منذ انطلاق مسلسل الإنصاف والمصالحة، هذا الورش الذي توج أساسا بعصرنة، ودمقرطة هذا الجهاز الأمني الذي أصبح واحد من الأجهزة التي يضرب بها المثال ويحتدى بأطرها في مجال مكافحة ومحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للدول والقارات خاصة منها ما يتعلق بالإتجار الدولي في المخدرات القوية وما حجز الأطنان منها إلا لإشارة على جاهزية هذا الجهاز، خاصة وأن مختلف التجارب الدولية علمتنا أنه حيثما انتعشت تجارة المخدرات القوية إلا وانتعش معها الإرهاب وتجارة الأسلحة وهي الورقة الأساسية والرابحة في المدخل إلى الفوضى الخلاقة واختراق الدول وهدم مؤسساتها.

حديث الدخيسي، نبه المشاهد إلى عناصر أساسية تحتاج لبعض الانتباه إليها، خاصة وأن الأمن ليس فقط مسؤولية ملقات على عاتق هذه المؤسسة فقط، بل أمام تطور الجريمة أصبح كذلك مسؤولية المواطن كذلك، هنا وجب الانتباه إلى ما يلي:

– الجهاز الأمني هو مؤسسة عمومية تشتغل وفق الدستور والقانون، وليس جهازا خفيا أو فوق السلطات، كما يحاول البعض تصويره، هو جزء من المنظومة وليس خارجها أو على هامشها، أو فوقها، بل هو جزءا منها، وأصبح عمله أكثر شفافية، والأهم هو أنه ليس جهاز لتصفية أو في يد جهة ما لتصفية حسابات سياسية، بل هو مؤسسة تتدخل عندما يتم خرق القانون، وتحدث جريمة معينة، ومهمة عناصره تنتهي عند انتهاء مرحلة البحث لتنطلق عملية أخرى من عمل الجهاز القضائي الذي من المفترض فيه أنه يراقب مدى تدخل العناصر الأمنية، واحترامها للقانون، كما أنه إذا كانت من ملاحظات فهي يجب أن تقدم للقوانين خاصة منها قانون المسطرة الجنائية الذي يؤطر عمل الضابطة القضائية التي تعد فرعا من فروع الجهاز الأمني ببلادنا.

– خطورة استمرار دعوات التشكيك وتبخيس عمل المؤسسة الأمنية بالمغرب، خاصة عندما يتعلق الأمر بتفكيك خلية إرهابية، حيث هناك أصوات ترتفع وأغلبها يتعلق بأصوات لها صراع مع الدولة بمختلف مستوياتها، أو خارجية ممن يزعجها قوة ومناعة المغرب، تعمل على التشكيك وتبخيس عمل رجال الأمن في حماية الوطن وكأن هناك مصلحة ما في تفكيك الخلايا الإرهابية وفي الضربات الاستباقية، الوقائية التي تتم، هذه التدخلات هي التي حافظت على أرواح المواطنين وأمن البلد، لذلك فالتبخيس والتشكيك في هذا العمل الذي يتم إذا كان لدى البعض يأتي كرد فعل شخصي لحالة معينة، فإنه عند البعض مفكر فيه، ومخطط له سواء من الداخل أو الخارج، لأن تجربة الدول التي انهارت لم تنهار إلا بانهيار و ضرب مؤسساتها الوطنية.

– الجهاز الأمني لا يمكن أن يعلق عليه كل شيء، ولا يمكن أن يكون مبررا لفشل سياسة عمومية في قطاع ما، أو فشل تربوي أو أسرى أو مهني، كما أنه لا يمكن أن يكون قميص عثمان الذي يعلق عليه كل شيء، بل هو جهاز له دوره الأمني وفقط، إلى جانب باقي مؤسسات الدولة وسلطها، لم ولن يكون بديلا عنها، كما أنه لا يشتغل خارجها أو بمنطق ما يسميه البعض بالدولة البوليسية، بل على العكس من ذلك من يقحم هذا الجهاز في كل حياتنا الخاصة والعامة هو من يؤسس إلى الدولة البوليسية ويريد إقحام الأمن في كل القطاعات الاجتماعية و السياسية و الاقتصادية.

– الجهاز الأمني وفي إشارة من مدير الشرطة القضائية إلى أنه إذا ما كانت هناك اختلالات أو تجاوزات معينة فهي حالة خاصة، في سياقها الخاص، ولا يمكن اعتبار الأمر وكأنه تجاوز أو اختلال ممنهج وسياسة عامة لهذه المؤسسة الأمنية، البون هنا شاسع بين الأمرين، بين أن يتعلق الأمر بحالة خاصة قد تحدث في أي قطاع، وبين أن يتعلق الأمر بسياسة عمومية، ويمكن القول أن هذا التحول في هذا الباب يجب الإشادة به، وتشجيعه لأنه يجعل من القانون فوق كل شيء، وفوق كل المؤسسات، مع الإشارة هنا إلى أن القانون لا يمنع في إطار مساواة الجميع أمام القانون من آلية التشكي سواء الإداري منه أو القضائي للإنصاف وهو ما ظل يؤكد عليه نفسه مدير الشرطة القضائية، وفي إطار نفس المنطق الذي يفرض مساواة الجميع أمام القانون، فعندما يتوجه رجل أمن بشكاية ضد مواطن ما تعرض فيه لاعتداء أو إهانة بمناسبة مزاولته لمهامه فلابد ألا نكيف الأمر على أنه انتقام سياسي كما يسارع البعض، بل كما أنه للمواطن الحق في التشكي فلرجل الأمن نفس الحق، والقضاء هو الفيصل.

إن الخلاصة الأساسية والربح الكبير للمغرب ولتطوره هو أن الجهاز الأمني بفضل التغييرات التي تم القيام بها منذ خطاب العهد الجديد، والمفهوم الجديد للسلطة لم يعد ذلك الغول الذي كان يخيف المغاربة كما السابق في سنوات ما اصطلح عليه بسنوات الرصاص والتي قطع معها المغرب بإعمال آلية العدالة الانتقالية، بل أصبح جهازا عاديا، يشتغل في النور، مؤطر عمله بالدستور والقانون، وأن هذا المسار لن يتوقف بل هو آخذ في التطور وما يحتاجه المغرب ليتعزز هذا المسار هو تطوير قوانينه خاصة مجموعة القانون الجنائي، وهو القيام بثورته التشريعية الثانية.