• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الإثنين 30 سبتمبر 2019 على الساعة 17:46

إلى ابن كيران.. على الله تعود على الله!

إلى ابن كيران.. على الله تعود على الله!

 
قلتها قبل سنوات وأعيدها الآن. غياب عبد الإله ابن كيران عن المشهد السياسي خسارة كبيرة. نعم، خسارة كبيرة. لقد فقدت السياسة، بغيابه، الكثير من نكهتها. وصارت عندنا مثل وجبة “ريجيم”. بلا طعم. قد تكون صحية، لكنها غير شهية. لا تغري أبدا. بل قد تسبب الغثيان، وما يأتي بعد الغثيان. حاشاكم.

بغياب ابن كيران غابت البهارات التي ألفناها سنوات. وبغيابه غابت تلك الرائحة التي تفتح الشهية على الطبق. وبغيابه غابت الفرجة. غابت السياسة… أو كادت.
هذا واقع. قد يعجب. وقد لا يعجب. لكنه واقع لا يرتفع.

هذا لا يعني أن ابن كيران مثالي أو كذلك كان. ولا يعني أن السياسة معه ابتدأت. ولا هي عنده لا بد أن تنتهي. وهذا لا يعني، أيضا، أنه بدون الرجل لا يمكن للسياسة أن تكون. هذه أوهام المناصرين في لعبة تحدّ لم، ولن، يقدروا على الفوز فيها.

هو، مهما كبُر، ليس “أب” السياسة ولا أصلها، وكان عليه أن يستوعب ذلك. لكن الحكاية، وما فيها، أنه قادر على الاستفزاز. بل فنان في هذا المجال. والسياسة، في أساسها، استفزاز. والاستفزاز، طبعا، أصل الفعل والحركة. لهذا، ربما، ها نحن نعيش هذا الشلل السياسي.

بين “مَقعد” (سياسي) و”مُقعد” (سياسيا) فرق في الشكل فقط. لكن الفرق كبير. يتغير المعنى.

مهما عظم شأن ابن كيران فهو مجموعة أعطاب لا تخطئها العين. أعطاب سياسية ونفسية. ليس سهلا عليه أن يعترف هو بهذا. لا هو ولا مناصروه ولا من “بيّعوه العجل” من أبناء “جلدته” الحزبية. هذه طبيعة البشر. وهذه هي السيئة الأولى في الرجل. سيئة بدأت صغيرة فتضخمت. مثل أي ورم. حين يفشل العلاج الكيماوي، يكون الاستئصال حلا. لكن الاستئصال ليس مضمون النتيجة. قد يكون علاجا مؤقتا… في انتظار أمل آخر.

هو من النوع الذي يفضل أن يسمع المديح أكثر من النقد. هو من النوع الذي يتكلم أكثر مما ينصت. هو من النوع الذي يؤمن بأن ملائكة الحقيقة تحيط به. هنا أخطأ ابن كيران. الاعتداد (المرضي ربما) بالنفس نقطة ضعفه، حتى لو خالها نقطة قوة.

لو كان عبد الله باها حيا لما انتهى مساره مثلما انتهى إليه. أراهن على ذلك.

في الوقت الذي كان ابن كيران محتاجا إلى من “يروضه” (سياسيا)، تناسبا مع ضرورات العمل السياسي، في شروطه المغربية على الأقل، وجد إلى جانبه، وأمامه وخلفه، من يشحنه. فكانت النتيجة ما عاشه… وعشناه. نهاية غريبة. أو شبه نهاية على الأقل.

كان الأجدر به أن لا يصدق كثيرا مراهقي السياسة و”كتائب الواي واي” داخل حزبه. كان عليه أن ينتبه إلى “الحافة” قبل أن يفرح بـ”الربيع”. لكن لا بأس. لكل جواد كبوة. ربما الزمن علمه الدرس.

ليس ابن كيران وحده المخطئ. لن نعلق عليه كل شيء. الطبقة السياسية  أخطأت بغباوة. جعلت كل فعلها رد فعل. كان كل نشاطها، مع استثناءات قليلة، أن تنفي ما قال ابن كيران، أو تؤكد ما قال ابن كيران، أو تنتقد ما قام به ابن كيران، أو تهاجم ابن كيران، أو تمدح ابن كيران، أو تقلد ابن كيران، أو تدعو مع ابن كيران، أو تدعو على ابن كيران، أو تستلطف ابن كيران، أو تستعدي ابن كيران. هكذا مرت السنوات. ولاية أولى، وبداية ولاية ثانية. وحين غاب ابن كيران، أو كاد، دخلت في مرحلة جمود وعطالة.

لا يمكن أن نرهن بلدا إلى ما قال وما قام به ابن كيران. بهذا الشكل ربح الرجل الكثير من النقاط. واستدرج “خصومه” إلى ملعب لم يألفوه. لعب وراوغ وسجل وخلق الفرجة. ولو كان “الفار”، كما قال ذات يوم، لربح أكثر من مباراة قيل إنه خسرها.

البكا ورا الميت خسارة. لا يمكن أن نعيد توضيب المشاهد الماضية. لكن المشهد السياسي مقرف للغاية. مريض. ميت. عفن. ممل. مشهد يحتاج إلى رجة جديدة. والرجة لا يمكن، في الشروط الحالية، أن يحدثها زعيم سياسي غير ابن كيران.

عليه أن يعود. أن يعود من أجل المغرب. لا من أجل نفسه، ولا من أجل حزبه.

ليس ضروريا أن يعود أمينا عاما، ولا رئيسا للحكومة.

ابن كيران يستحق أن يلعب دور “مونيتور” في قاعة… سياسة مُفلسة.

إذا فعل ذلك، سيأتي زبناء جدد. وستدب الحركة من جديد. وستحدث أشياء كثيرة. عليه فقط أن يستوعب أنه ماشي بوحدو مضوّي البلاد.
يقينا، لقد استوعب ذلك.

هيا عد يا ابن كيران… فقد أصابنا الملل.