• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الأربعاء 07 أغسطس 2013 على الساعة 12:18

يا ثورة ما تمت

يا ثورة ما تمت لمختار لغزيوي [email protected]
لمختار لغزيوي larhzioui@gmail.com
لمختار لغزيوي [email protected]

 

الثورة في نهاية المطاف حكاية ملتبسة مؤجلة في الأذهان إلى حين. صوت داخلي يخاطب كل واحد منا حسب درجة وعيه، وحسب درجات اقترابه من نيل كل أسباب فهم ما يتصوره ثورة، وما يعتقده تغييرا. لذلك عشنا في الأيام الماضية، وخصوصا في الموقع الذي يصنع الحدث في عالم اليوم أي في الأنترنيت، مخاضا كبيرا رسا على عديد الدروس والقناعات التي لا يجب المرور قربها دون تناولها، وإن أغضب الأمر مرة أخرى أو أثار من اللغط ما ألفنا أن يسيله لعدم قدرة الجموع في البلد اليوم على الإنصات إلا لما يوافق العقل والهوى

الحكاية الأولى ابتدأت بتلك اللائحة المشينة التي حاول بعض الصغار رسم معالمها في الأنترنيت. في لحظة من اللحظات نسي هؤلاء كل شيء وشرعوا يقسمون المغرب إلى صامتن ومتحدثين. قرأنا أسماء لفاعلين جمعويين أمضوا العمر كله في مجال محاربة اغتصاب الصغار هذا وهم يقرعون من طرف من لم يزر في حياته كلها مركزا لحماية الطفولة، وسمعنا الأسماء واضحة وجلية ولا نقاش حول نكوصها “فينا هي نجاة أنور؟ فينا هي نجية اديب؟ فينا هي بسيمة الحقاوي؟”.

نسي المزايدون، وما أكثرهم في تلك اللحظات، أن جمعية لا تصدر بيانا بناء على فكرة عنت في الرأس مثلما نفعل عادة في الفيسبوك او تويتر وأن الأمر يتطلب كثير التمحص والتدقيق قبل الكلام، خصوصا وأن النازلة لم تكن عادية وأن الحدث كان جللا. كان ضروريا تبين حقيقة ما وقع، ومعرفة سبب ما وقع والاطلاع بشكل كامل على حيثيات ما وقع وبعدها تخرج المواقف ويخرج كل شيء.

طبعا كان رد الفعل الأول، أي الصدمة لإطلاق سراح مغتصب 11 قاصرا. ورد الفعل هذا اشترك فيه الجميع، ولا أستثني أحدا كما فعل بعض واضعي هاته اللوائح المشينة، فليس هناك مغربي سوي واحد سيفرح لإطلاق سراح من اغتصب 11 قاصرا. ما تلا الأمر هو الذي كان محور النقاش، لكون البعض جرنا لأشياء بعيدة تماما عن النقاش، وحاول نقل المرض المصري إلينا بحذافيره: “هادو ثورة وهادو فلول. هادو حزب وطني وهادو 25 يناير. هادو مخزنيين ما هضروش، وحنا ثوريين واعرين خرجنا للساحات”.

المسألة في المغرب لا تستقيم بهذا الغباء الخرافي والمثير فعلا للضحك. المسألة تستقيم بإعادتها إلى النصاب المغربي السليم، والتعامل معها وفق المتعارف عليها عندنا لا عند غيرنا.

الحكاية بعدها استمرت بفنانين تعرضوا للتهجم وللسب الساقط فقط لأنهم تضامنوا في وقت سابق مع الطفلة وئام. قرأنا وسمعنا من يسب البيغ ومن يشتم أمال صقر، ومن ينال من رشيد الإدريسي، ومن يهاجم سميرة سيطايل، فقط لأن هؤلاء تطوعوا في وقت سابق لكي يقودوا مسيرة التضامن مع وئام. فجأة أصبحوا هم المدانين عوض دانييل كالفان، وعوض من سرب اسمه للا ئحة العفو. الوحش الآدمي أصبح بالنسبة “للثورجية ديال الساعة الخامسة والعشرين” أمرا ثانويا وغير ذي بال أمام تصفية حسابات من الدرجة الدنيا كشفت كثيرا من الحقد، وكثيرا من الحسد، وغير قليل من لا صفاء النية مما كنا قد اعتقدنا صادقين أن البعض قد شفي منه.

الحكاية تواصلت بعدها بالإعلام الخاص والعام. الرسالة واضحة وكانت ذات معنى واحد: “نتوما الصحافيين كلكم بايعين الماتش، والشباب فالشارع بوحدهم”. طبعا كان من غير اللائق تذكير من يقول هذا الكلام أن بعض الصحافيين _ بل كثيرا من الصحافيين _ كانوا في مقدمة الواقفين يوم الجمعة الشهير، وأنهم نالوا من الضرب ومن الجرح مالم ينله من دعوا للوقفة من محترفي التنظيمات الثورية، أو “تريتورات الوقفات” مثلما يسمون. الأمر لم يكن ممكن القول، تماما مثلما لم يكن ممكنا أن نقول إن ما تعرضت له زميلتنا نادية المليلي كان أمرا بعيدا عن الحياء.

ففي بداية الأمر جعلوها بطلة لأنها تعرضت للضرب وشكروها وتداولوا صورها فيما بينهم، لكن وعندما قالت نادية في تصريح لفرانس 24 إن بلاغ الديوان الملك خطوة إيجابية انتقلت إلى النقيض وسمعت من “المنقي خيارو”.

لماذا؟ ما سبب هذه العدوانية؟ ومن أدخل هاته الأمراض المسنة إلى أذهان شبان يفترض أنهم بـ”طهرانيتهم الثورية” قادرون على قيادة الجيل القديم نحو ما لم يستطعه أبدا: تلافي التخوين والاتهامات والعمل جنبا إلى جنب بنية صافية على جلب المصلحة للوطن ودرء المفسدة عنه؟

للأسف الأجوبة كثيرة، ونحن فعلا تركنا هؤلاء الصغار في مكان ما واعتقدنا أننا لمجرد تذكرهم يوما أو بعض اليوم سنجد مايكفي من التفاعل لديهم لكي يسمعوا أصواتنا. هم اليوم يعتقدون أننا في واد وأنهم في واد آخر، والخشية هي أن ندخل العتبة المصرية الشهيرة تلك التي تجعل كل ميدان يصدح بما لديه من شعار، دون أن يسمع شعار الميدان الآخر.

الصمم، أو حورا الطرشان لن يمضي بنا بعيدا. يجب علينا أن نقتنع بهذا الأمر. في انتظار ذلك ليقاطع الثوريون المخزنيين، وليفعل المخزنيون المثل مع حملة لواء “الثورة”، ولننتظر ما سننتجه بهذه العقلية الموغلة في الغباء…