• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الثلاثاء 10 يونيو 2014 على الساعة 13:28

درس خوان كارلوس: ولادة الملكية (2)

درس خوان كارلوس: ولادة الملكية (2) لمختار لغزيوي [email protected]
لمختار لغزيوي larhzioui@gmail.com
لمختار لغزيوي [email protected]

الدرس الرائع الذي قدمه جلالة خوان كارلوس وهو يترك العرش لابنه فيليبي أثار حفيظة البعض هنا، رغم ألا علاقة لنا عمليا بالمسألة. فإسبانيا في عوالمها ونحن في عوالمنا، والفوارق شاسعة بيننا وبينهم، وحكايتنا التي دأبنا على تسميتها الاستثناء المغربي، لعلمنا أنها استثناء فعلي، لا تشبه أي حكاية ثانية مهما بلغت درجة قربها أو الابتعاد، فلم سيتحرك الحس العجيب لدى البعض هنا حد سب الرجل الوقور المحترم المسمى قيد ملكه خوان كارلوس الأول؟ ولم ستكتب مواقع وجرائد بعينها عناوين مغرقة في التعريض بفساد رأته هي في شبه الجزيرة الإيبيرية واعتبرته سبب التنحي بل وسبب كل الأشياء؟

الإجابة هي أننا نعاني من “اندماج” (fusion) مرضي لدى بعضنا هما إسقاط الطائرات قسرا وانعدام الشجاعة!!

لدينا اليوم في المغرب “معارضة التقلاز من تحت الجلابة”، وهي معارضة تنشط في الأنترنيت ولا تفوت فرصة لتقطار الشمع على البلد بكل الوسائل الممكنة.

هؤلاء القوم، وهم لحسن الحظ أقلية الأقلية بين المغاربة، لديهم أجنداتهم الخاصة بمشغليهم، ولديهم لحظات الخروج التي يتلقون بخصوصها وبخصوص توقيتها مضامينها الأوامر، لذلك تجدهم يغضبون ويمرون إلى السب حين تقول لهم عكس ما يريدون سماعه. وهذا الذي يريدون سماعه يجب أن يكون بنفس الشكل الذي سمعوه عند أحبارهم، وإلا فلا يجب أن يكون أبدا.

عليك أن تنسج على المنوال ذاته، وأن تردد بعدهم “آمين” لكي يرضوا عنك. قال القائل منهم “نهاية الملكية في إسبانيا والعالم”، قل “نعم” واصمت. قال الآخر “الملكيات تعبت والحل هي إمارات الموز”، قل “والحمد لله رب العالمين”.. أما إذا تجرأت وقدمت قراءة مغايرة بموجبها تؤكد أن تشبيب الملكية في إسبانيا وهولندا قبلها دليل ولادة جديدة، وقدرة على الاستمرار، وبرهان على أن المستقبل يقبل التأقلم مع التاريخ، فهنا عليك أن تهيء سمعك والبصر وكل الحواس لتلقي الدروس من جبناء الديمقراطية الجدد، أولئك الذين يحتاجون دوما إلى مثال أجنبي عبره يتحدثون عن المغرب لعدم قدرتهم على التصريح بعمق مكنونهم الفعلي.

ومع ذلك لابأس. سباب أدعياء الديمقراطية والنضال هؤلاء حجة عليهم لا لهم، ودليل على ضيق أفقهم وعدم قدرتهم على قبول الآراء الأخرى التي لا توافق هواهم. وهم حين يتهمون بعض المسؤولين أو الرسميين بانعدام القدرة على الإنصات للمخالفين، ينسون أنهم يقدمون في مقام أول أسوأ نماذج الاختلاف وعدم القدرة عليه.

في إسبانيا، وهنا نعود إلى درس الملكية الديمقراطي الرائع الذي قدمه خوان كارلوس، كان الاختيار واضحا بين استمرار الرجل في منصبه حتى الوفاة (وكل استطلاعات الرأي هناك تقول إن معارضي الملكية قلة ولم يكونوا قادرين على زحزحته من مكانه، بل إن نسبة شعبيته وصلت لحظة إعلانه التنحي 55 في المائة وهي نسبة لا علاقة لها بنسبة 19 في المائة التي يعاني منها رئيس جمهوري منتخب مثل فرانسوا هولاند، مع التحفظ على المقارنة)، أو اختيار مفاجأة من العيار الثقيل استشار حولها مع الطبقة السياسية الإسبانية، وقرر لها أن تكون بوابة دخوله الثاني من بوابة التاريخ الكبرى بعد الدخول الأول من خلال الانتصار لخيار التعددية والانفتاح في بداية عهده.

في التفاصيل التي نقلها المقربون عن الملك الإسباني جملة رائعة للغاية هي “لم أرد لولي عهدي أن يتلاشى في منصبه مثل الأمير شارلز”.

هذا هو الاختيار الذي لم يعره من يفكرون فقط في إسقاط الطائرات أي انتباه، بكل بساطة لأنهم مشغولون، بل قل مهووسون بموضوع واحد في المغرب لا يكتبون إلا حوله وعنه وبخصوصه باستمرار.

هوس؟ ربما.

تركيز مرضي؟ محتمل.

تكليف بمهمة؟ مرجح أيضا.

اشتغال لدى الأجانب مما يوصف بالعمالة ؟ الله أعلم.

في كل الحالات يكون مسليا الاطلاع على ما يفعله هؤلاء بالحقيقة وبمختلف تطورات الأحداث من أجل أن يصلوا إلى هدفهم الأول والأخير في الحياة: تذكير المغرب يوميا أنهم موجودون، وإن كان البلد ينسى في غمرة بحثه عن مستقبل أفضل لكل أبنائه هذا الوجود.

ألم نقل لكم إنه درس رائع ذلك الذي قدمه لنا جميعا جلالة خوان كارلوس وهو يعلن ولادة جديدة للملكية في إسبانيا عبر رهانه الشجاع على الشباب؟