• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الإثنين 29 أكتوبر 2012 على الساعة 15:19

السياسة بالسحور

السياسة بالسحور
لمختار لغزيوي [email protected]

بحساب الأرقام الفلكية السحرية، التي يؤمن بها حميد شباط، هذا المقال مكتوب “من عند الله”، وحين كنا نقرأ في “جون أفريك” الحوار الرائع فعلا الذي أجراه القيدوم حميد برادة مع الأمين العام الجديد لحزب الاستقلال، كنا نفرك الأعين دهشة، وننقي الآذان من كل وسخ قد يكون مسها لكي نتأكد من صدقية ما نراه مكتوبا أمامنا أو مانسمعه على لسان من قرأ قبلنا الحوار.

قال شباط في حواره مع جون أفريك إن علال الفاسي _الله يرحمو ويوسع عليه مسكين_ زاره في المنام وطلب منه الترشح للأمانة العامة للحزب، وأضاف شباط _غفر الله غفرانا كبيرا وكثيرا في أيام العواشر هاته_ إنه علم عن طريق فقيه زاره بأن أرقاما سحرية هي التي جلبت له الانتصار في المعركة الانتخابية الداخلية التي حملته إلى قيادة حزب “زدي علال”، مؤكدا أنه يؤمن بالفعل بهذا الأمر، مذكرا الجميع بأنه الوحيد من بين “علماء” الأرض كافة الذي عثر على حديث نبوي نادر لسيدنا محمد عليه أزكى الصلاة والسلام، وهو يتحدث عن فاس التي قال عنها الشاعر بعد ذلك بكثير “فاس والكل في فاس”.

ويوم فازت الماص بالألقاب الثلاثية مع مدرب النخبة الحالي رشيد الطاوسي، وضع الكل اليد على القلوب خوفا من أن يعثر شباط على حديث نبوي يتحدث عن هذا الفوز المرتقب في يوم من الأيام، تماما مثلما أصبحنا نخشى كل مرة كانت فيها العاصمة العلمية في الواجهة أن يعثر عمدتها وأمين عام حزب الاستقلال على شيء ما من التراث الديني يعضد به ما يعتقده حبا لمدينته أو للمدينة التي تبنته وأصبح على رأسها اليوم.

شباط في الواقع ليس بدعا من القوم السياسيين المحيطين بنا. هو فقط قطع المسافة الفاصلة بين التعبير عن المكنون علنا وبين الخوف من الصدح بما يؤمن به، وإلا فإن الغالبية الغالبة من طبقتنا السياسية _المحفوفة بكرم الله_ تؤمن في قرارة ذهنها بأمور غريبة فعلا, ولولا الحياء العام الضروري لرأينا قادة كبارا لأحزاب سياسية في البلد يقصدون العرافات والشوافات وقارئي الفناجيل من أجل معرفة مصائرهم السياسية في بلد لا وجود فيه لأي منطق سياسي قد تستكين إليه وتعتبره قادرا على تفسير أي شيء على الإطلاق.

وقد رأينا وسمعنا إلياس العماري ليلة العيد السعيد يتحدث في قناة “ميدي أن تي في”، وعلمنا أن كل قيادات العدالة والتنمية التي حاول البرنامج استضافتها من أجل مواجهة إلياس على الهواء مباشرة قد تنصلت من الدعوة وتهربت منها، وهو مايطرح السؤال كبيرا عن هذه الشجاعة التي تجعل الإخوان يكتفون بالسب عبر الجرائد الموالية، وبالغمز واللمز الكبيرين، لكنهم ساعة المواجهة المباشرة يفرون إلى خرفانهم، ويحتضنونها في ليلة الفراق الأكبر قبل النحر وما إليه من شؤون العيد السعيد.

ولعلها من الصدف الحسنة أو السيئة أن يتزامن كل هذا الهراء المغربي مع بث برنامج في التلفزيون الفرنسي، وبالتحديد على شاشة “فرانس 2” يسمى “أقوال وأفعال”، قدم سابقة في تاريخ تلفزيون الأصدقاء الفرنسيين، بأن استضاف ليلة الخميس ذاتها (أي ليلة ذبح الحوالا لدينا في العالم الإسلامي) المرشحين لقيادة الحزب المعارض في فرنسا “اتحاد الحركة الشعبية” فرانسوا فيون الذي كان رئيس وزراء ساركوزي طيلة مدة رئاسته، وجان فرانسوا كوبي الرجل اليميني أكثر من اللازم داخل هذا الحزب والطامع اليوم لقيادة اليمين الفرنسي في معركة استعادة الإليزيه من اليسار سنة 2017.

 

البرنامج باختصار رائع, والنقاش السياسي الذي دار خلاله رفيع للغاية، والمتحاوران يعرفان ما الذي يتحدثان عنه بالضبط, والصحافي الذي كان يدير اللقاء (دافيد بوجاداس) هيأ للقائه بما يكفي من عناية واحترام، وكل شيء في النهاية مر لكي يفهم الناخب داخل هذا الحزب على من سيصوت في 18 نونبر المقبل، ولماذا سيختار كوبي أو فيون, وما هي الرهانات الفعلية لاختيار أي واحد منهما دون الآخر.

تخيلت وأنا أشاهد البرنامج حميد شباط يواجه عبد الواحد الفاسي في برنامج على القناة الأولى من أجل بسط البرنامج الحزبي لكل واحد منهما على رأس أعرق حزب في البلد.

طردت عني التخيل، لعنت الشيطان، أو إبليس الرجيم الذي يزين لنا بين الفينة والأخرى هاته التهيؤات. استعدت منظر “سيدي حميد” وهو يكتب بخط يده لمجلة جون أفريك الأرقام السحرية التي ساعدته على الفوز. قلت “شاي الله آمولاي ادريس الحبيب”.

بحثت عن الخروف، وتأكدت أنه في مكانه ينتظر الذبح في اليوم الموالي. على القناة الأولى كان مصطفى العلوي يقول شيئا ما. حمدت الله كثيرا على البلد الذي أعيش فيه، واكتفيت.