• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الثلاثاء 20 أغسطس 2013 على الساعة 11:58

أسرار القناة القطرية.. مصر والجزيرة (الحلقة 1)

أسرار القناة القطرية.. مصر والجزيرة (الحلقة 1)

 أسرار القناة القطرية.. مصر والجزيرة (الحلقة 1)

 

المختار الغزيوي

في النهاية وصلنا إلى ما حذر منه الجميع في مصر، حرب أهلية بين فصيل يعتقد أنه أصبح قادرا على لعب دور الدولة، وبين جيش لم يعد يمتلك كثير الخيارات الديبلوماسية من أجل الخروج من الفوضى التي دخلت إليها البلاد.

في مصر الأولوية اليوم لإعادة الدولة إلى نصابها بالنسبة لطرف، وهي لاستعادة شرعية يعتقد تيار أنها سرقت منه بالنسبة للطرف الثاني. بين الطرفين هناك الناس، الشعب، المصري العادي، وبين كل هاته الأطراف كلها هناك…”الجزيرة”.

المغاربة يختصرون مثل هاته النقاشات بقولهم “ما كيدخل بين اللحم والظفر غير الوسخ”، لكن الجزيرة لا تعرف مثل هذا الكلام ولا تؤمن به. هي أيضا ليست وسيلة إعلامية عادية لكي نطالبها بالرأي والرأي الآخر، وبتقديم وجهات النظر المختلفة وتقليد الصحافيين الغربيين في طريقة تغطيتهم المحايدة إلى حدود بعيدة للنزاع والراغبة في نقل موضوعي لما يقع على الأرض لا لما تتمنى وسائل إعلامهم أن يقع.

الجزيرة لديها طريقتها الخاصة في تغطية الأحداث التي تقع على الأراضي العربية المستهدفة بـ”قصفها الإعلامي”، ومصر ليست الأولى، بل تتبعنا الأداء ذاته في سوريا وقبلها في ليبيا، ووصلنا في مرحلة من المراحل إلى حد أن أمير قطر السابق أقسم أن ينتقم لمقتل مصور قطري تابع للجزيرة، واعتبر أنه لن يترك القذافي حيا مهما وقع، وقد فعلها. سمعنا أيضا حين تغطية الحرب الليبية للإطاحة بمعمر مراسلين للقناة القطرية يقولون لثوار ليبيا في المباشر “الآن سيبدأ الهجوم في لمنطقة الفلانية، عليكم أن تتحركوا نحو الجهة الأخرى”، وسمعنا فظاعات أخرى كثيرة لا علاقة لها بالإعلام ولا بالتلفزيون ولا بدورهما معا، لكنها أصبحت مقبولة لأن “الجزيرة” تفعلها ولأن جمهور “الجزيرة” يقبلها.

السؤال الذي يتكرر اليوم بمناسبة التضليل الإعلامي الخطير الذي تخوضه الجزيرة ضد مصر هو: ماهو جمهور الجمهور الجزيرة؟ ممن يتكون؟

في الحقيقة هو كلنا، هو مجتمعنا العربي الإسلامي بكل متناقضاته. بالنسبة للمواطن العادي، ولنأخذ المغربي البسيط كنموذج، الجزيرة هي قناة “كتقول اللي كاين”، أو “كتقول الحق”، وبالنسبة لمن أمضى عمره كله في متابعة القنوات الرسمية من قنوات “دشن واستقبل وودع”، الجزيرة قدمت للناس نموذجا مغايرا وهي تجرد الحكام العرب المغضوب عليهم من طرف قيادتها السياسية من ألقابهم ومن الهيبة المرافقة لهم، لكي تنكب على فضح أخطائهم وتفضحهم أمام الرأي العام العربي.

المسألة من هاته الناحية ممتازة ولا يمكن إلا الترحيب بها، سوى أن المحرك في هاته العملية التي أسست أولى علاقات الجزيرة مع العرب لم يكن محركا سليما وصافيا، أو لنقل إعلاميا صرفا. الأمر تعلق بمحرك سياسي تحالفت فيه رغبة الأمير السابق القطري في صنع صوت إعلامي كبير لبلده قادر على التأثير، وقادر على تذكير الناس كل مرة بقطر، مع رغبة فصيل سياسي ذكي للغاية في الاستيلاء على وسيلة إعلام تكون قادرة على الوصول إلى العالم العربي كله دون المرور من وسائل الإعلام الرسمية التي تمنع هذا التيار من الحديث إلى الناس.

وجد الإخوان المسلمون ضالتهم في القناة، ووجدت القناة ضالتها فيهم، وابتدأت اللعبة منذ لحظة الانطلاق بإشراف روحاني من طرف يوسف القرضاوي الذي أخذ “بطاقة بيضاء” من الأمير القطري في رسم المسار الإيديولوجي والسياسي للقناة، وترك المجال المسار الإعلامي للبريطانيين إلى أن أصبحت القناة على ماهي عليه اليوم: صوتا سياسيا ينطق باسم التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، يتبنى قضايا هذا التنظيم بكل أمانة، يشن حروبا مدمرة ضد كل معارضيه ومتاوئيه وخصومه، ويعتبر أنه مكلف بمهمة مقدسة رأينا ثمارها بعد أن اعتقد أن الأمور دانت له في مصر، حين حاول السطو على الثورة المصرية، وكان أبشع مشهد لها يوم حاول مؤذن الجزيرة أحمد منصور أن يكذب على دماء المصريين التي سالت وسجل حلقات من برنامجه “شاهد على العصر” مع قادة إخوانيين باعتبارهم قادة ثورة 25 يناير في مقدمتهم صفوت حجازي الذي لم يلتحق بالثورة إلا بعد أن تأكد بأن مبارك لن يسحقها وأن الجيش (الجيش نفسه الذي يقال له اليوم الانقلابي) سيساند هذا التغيير.

كان واضحا أن القناة تعتبر “الربيع العربي” خدعة إعلامية نجحت في تسويقها في مجتمع جاهل إعلاميا لا يفرق بين أنواع اللعب التلفزيوني، وينقاد بسهولة نحو التعبير العاطفي عن التأثر، لذلك منحت الجزيرة في السنتين الماضيتين منذ لحظة تونس و”هرمنا” إلى لحظة ليبيا و”من أنتم” مرورا باللحظة المصرية المليئة بالشعارات الدموية الجمهور الساذج ما يريده، وهي ستواصل، ولعبتها مبنية على خطة قديمة يعرفها بعض خبراء الإعلام لا بأس من رسم بعض معالمها في عدد الغد.

على الأقل “نتفرجو وحنا عايقين أنهم كيتفلاو علينا”.

غدا ونكملو..