• مهرجان مكناس للدراما التلفزية.. مسلسل “دار النسا” يظفر بالجائزة أحسن مسلسل تلفزي
  • صحافي جزائري: تصريحات تبون سوقية تؤكد أنه لا يمتلك ثقافة رجل الدولة!
  • مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
عاجل
الثلاثاء 09 أبريل 2013 على الساعة 11:44

مايسة والآخرون

مايسة والآخرون لمختار لغزيوي [email protected]

لمختار لغزيوي [email protected]
عاب علينا الكثيرون استضافة شابة تسمى مايسة سلامة ناجي في برنامج “قفص الاتهام” على إذاعة “ميد راديو”. انتقاد الهواتف والرسائل الإلكترونية كان كله ينصب حول ملحوظة واحدة “شكونا هي هاد مايسة اللي غادي تجيبوها لبرنامج بحال هادا؟”. العديد من المتصلين قالوا إنها كاتبة مبتدئة تشق طريقها بالكاد، وأنه من العيب أن يقدم برنامج استقبل الأسماء البارزة والكبرى في الوطن على ضمها إلى لائحة ضيوفه لأنها لازالت في بداة المشوار
ردنا كان واضحا على كل هاته الانتقادات: هذا البرنامج بخاصية جد متميزة يحرص عليها زميلنا رضوان الرمضاني، ولا أستطيع إلا أن أشجعه عليها وأسايره فيها، هي خاصية استضافة من يصنعون الحدث المغربي في لحظة الاستضافة.
بالنسبة للمنتقدين ذكرناهم أننا استضفنا يوما شابا من حركة “مالي” لا يعرفه إلا القليل من الناس، واستضفنا شبابا من أحزاب سياسية لاتصلهم “نوبة” الظهور في وسائل الإعلام إلا بعد جهد جهيد، واستضفنا شبابا من حركة 20 فيفريي كان مفروضا عليهم في وسائل إعلامية أخرى أن ينتظروا عشرات السنوات قبل الظهور.
الفكرة في حد ذاتها سهلة وبسيطة وقائمة على التالي: الحدث المغربي يصنعه أهل المغرب كلهم، سواء كانوا كبارا في القدر والقيمة، أو كانوا صغارا في بداية الطريق، أو كانوا في مرحلة البين بين. ووسائل إعلامنا التي تعودت على نمط واحد من المحاورة، ونوع واحد من الضيوف، ملهم الناس ولم يعودوا قادريين على متابعتهم أو الاستماع إليهم، ملزمة اليوم أن تفهم الرسالة التي يوجهها لنا المغاربة باستمرار من خلال عزوفهم عن السياسة أو عزوفهم عن وسائل إعلامنا أو عزوفهم عن كل ما نقدمه لهم.
هذه الرسالة تتحدانا في وسائل الإعلام بأن نكون قادرين على إبراز وجه المغرب الجديد، والقطع مع مغرب مله الناس وتعبوا من “رموزه” ووجوهه وسحناته التي تحتل الصدارة من البدء حتى الختام دونما أمل في أن نتخلص يوما من سماعها تعطي رأيها في كل شيء، من الرياضة إلى الاقتصاد، مرورا بالسياسة والفن وكل مناحي الحياة.
لذلك يبدو فتح المجال امام الشباب وأمام الأقل شبابا شرط أن يكونوا جددا حقا في ابتكارهم, وفي تميزهم في الميدان الذي ينشطون فيه، وقادرين على إدهاش الناس باستمرار، أمرا ضروريا اليوم. وقد مررنا منذ سنتين من عام غريب للغاية اكتشفنا فيه جبن الطبقة السياسية _إلا من رحم ربك_ وتواريها إلى الخلف في انتظار مرور عاصفة الحراك العربي، والتعرف على نتائجها في الختام. بالمقابل برز الشباب، وتعرفنا على أسماء كثيرة, منها من نتفق مع تصوره للأمور، ومنها من نختلف معه تماما، لكننا لا يمكن أن نمحيه بجرة قلم.
تعرفنا على المدياني والخليفي وعنتيد وشوقي وبوغالبي ولشكر والغزوي وبنعمر وملحاف، بل وحتى على معاذ بلغوات الذي قسونا عليه منذ أيام بنقد صريح ولابد منه، وتعرفنا على عدد كبير من الأسماء لم نكن نعرفها نهائيا إلا عندما قادت صرخة الشباب المغربي في تلك الأيام. هل قادتها في الاتجاه السليم؟ أم أنها سارت وفق أمور أخرى؟ ليس هذا هو السؤال. الأهم منه أن نفهم أن لدينا خزانا فعليا في المغرب من الشباب القادرين على إدهاشنا لو قمنا _نحن المكرسون المتكلسون_ بفتح المجال مشرعا أمامه لكي يظهر لنا “حنة يديه”، أو على الأقل لكي يتحدث عن تصوره لبلده عوض أن يستمع للآخرين يتحدثون عوضا عنه باستمرار.
وعندما أتأمل ما يقدمه لنا إعلامنا البصري _الأكثر وصولا إلى الناس _ في هذا المجال، أستحضر “أجيال” ومعه “شباب في الواجهة” و”جينيراسيون نيوز”، وهي كل ها تجارب تصب في نفس الاتجاه الذي دافعنا عنه هنا، واستطاعت أن تقدم لنا وجوها شابة في كل الميادين، لكنها تظل غير كافية بالنسبة لبلد أغلبيته من الشباب، لكن أغلبية المتحدثين البارزين فيه من الكهول أو من الشيوخ.
الخيار في هذا المجال واضح لا يحتمل عديد الأبواب للخروج منها: إما أن ننصت لصوت هؤلاء الوافدين الجدد، أن نفهم صرخاتهم وأن نسمع نداءاتهم وأحيانا “تفاهاتهم وترهاتهم” (من منا بلا تفاهات وترهات في الختام؟)، وأن نتيح لهم من خلال الحديث معنا إيصال ما يريدون قوله إلى الجميع، وإما سنجدهم ذات يوم آخر في الشارع يصرخون ما لم نرد سماعه بطريقة أخرى، قد لا تكون محببة كثيرا بالنسبة إلينا نحن معشر المكرسين المتكلسين.
لقد وصلنا إلى مرحلة لم يعد فيها هؤلاء المكرسون يغرون أحدا، وربما وجب علينا من باب احترام مستقبل بلدنا أن نبحث في ثنايا وافدينا الجدد، وفي الملامح التي يحملونها عن نباهة قادمة إلينا علينا ألا نخلف الموعد معها لأنها وحدها _وبدون لغة خشب_ تحمل لنا حل كل شيء.
فقط علينا أن نحسن الاستماع لهاته الأصوات، وأن نفتح لها هذا الأثير، وكل أثير.