• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الثلاثاء 05 مارس 2013 على الساعة 13:20

ماتت ولا مازال ما تولداتش؟

ماتت ولا مازال ما تولداتش؟ لمختار لغزيوي [email protected]

لمختار لغزيوي [email protected]
على امتداد يومين كاملين كان الكلام كله متمحورا في برشلونة حول دور وسائل الإعلام في المنطقة المتوسطية في مواكبة الثورات التي حصلت في الجنوب، ومواكبة الأزمة المالية التي تهز الشمال. بطريقة أو بأخرى اقتصر الحديث على ثوراتنا أو على قلاقلنا الاجتماعية أو على المتغيرات التي تعرفها منطقتنا وبلداننا والتي لم نجد لها توصيفا صحيحا وقابلا للهضم إلى حد الآن بين قائل بأنه الربيع الذي لا خريف ولا شتاء بعده، وبين مشكك في الأمر معتقد أننا عيش فصلا ملتبسا يلزمه كثير وقت لكي تتضح معالمه الختامية.
سمعنا في الجلسة الافتتاحية كلاما عميقا للغاية على لسان أندري أزولاي، وهو يقدم خارطة طريق اللقاء، معتبرا أن أحدا لن يعطي للآخرين درسا في هذا الملتقى، لكن المطلوب اليوم هو الحديث بصراحة عن حقيقة المتوسط الفعلي، لا متوسط الندوات واللقاءات، ونقل الصورة مثلما هي من أجل الخروج من دائرة فراغ نطوف فيه باستمرار. ونجح الرجل فعلا في إقناع الجمع الذي ضم قرابة السبعين صحافيا ومدونا وفاعلا جمعويا من كل دول المتوسط أن الأمر مغاير هذه المرة وأن النقاش يدخل في صلب ما اعتبره صميم عمل مؤسسة آنا ليند.
تحدث أزولاي عن ألمه الشديد وهو يسمع كلمة الإسلام في وسائل الإعلام الغربية كلها مقترنة بالإرهاب فقط، وتساءل بكل جرأة عن إمكانية بناء المتوسط يوما وفلسطين لازالت على حالها، باختصار ألقى بعديد الحجارة في برك راكدة عديدة، ومنح للشباب القادمين إلى برشلونة وللأقل شبابا حماسة الحديث بصراحة عن منطقة هي مصيرنا الأول والأخير على ما يبدو.
في لقاء جانبي مع فتح الله السجلماسي اكتشفنا الاتحاد من أجل المتوسط. كنا نعرف العنوان فقط، اليافطة العريضة، فوجدنا أنفسنا أمام مشروع يضم 43 دولة بمخطط عمل فعلي، وبرغبات أصر السجلماسي كل مرة على وصفها بـ”التقنية” لا السياسية في تنفيذ كثير من الأشياء. بدت الواجهة المتوسطية قادرة أكثر على احتضان طموح بلد مثل المغرب ولكن أيضا طموحات كل الدول المنتمية إليها في السير جماعة نحو مستقبل سيكون أفضل بنا جميعا _جميعا دون أي استثناء_ أو لن يكون أبدا.
عدنا إلى حديث الإعلام وثورات العرب اللامنتهية. استمعنا لصوت لينا بن مهني المدونة التونسية الشابة التي اشتهرت خلال حراك تونس الذي أطاح ببنعلي. نقلت إلينا لينا تحطم أحلامها وتحطم أحلام شباب تونسيين كثر لم يكونوا يعتقدون أنهم صاحوا يوما صرخة الحرية الشهيرة من أجل أن تأتي النهضة إلى الحكم، ومن أجل إسلاميين يريدون خنق الحرية في البلد اليوم.
قالت لينا إنها تكاد تقترب من اليأس، وحكت كل ما تعرضت له في تونس الثورة بعد رحيل المخلوع هي التي ساهمت رفقة عدد كبير من جيلها في إطلاق الشرارة الأولى للحراك. طلبت منها جيزيل خوري أن لا تيأس لأنها “أيقونة” لكن عيني لينا كانتا بتيه غريب تبحث مثل الجيل الذي تنتمي إليه والجيل الموالي وكل أجيال العرب اليوم عن الحل فلانجده، نحن الذين كنا نعتقد أن الديكتاتور الأمني سيخلي مكانه للحرية، فإذا به يتركه للديكتاتور الأصولي دون أي بارقة أمل في أن الأشياء ستسير يوما إلى الأحسن.
أصدقاؤنا الأوربيون حاولوا جهد الإمكان الانكباب على الحالة العربية، وضمنهم زملاء أمضوا سنوات اشتغال كثيرة مع مؤسسات إعلامية مرموقة، لكن الواضح كان هو أن حالتنا خاصة بنا، ومن الصعب فهمها من طرف الغير خصوصا إذا كنا نحن _أهلها_ لم نفقه فيها شيئا إلى الآن.
دار حديث ما عن موت الصحافة التقليدية، وعن بداية عهد التدوين وعن صحافة المستقبل الموجودة فقط في الأنترنيت. تحدث المصريون عن باسم يوسف وعن ابراهيم عيسى، وامتلك الأشقاء اللطفاء من أهل المحروسة القدرة دائما على جعل كل شيء يبدأ من مصر وينتهي عندها. قال ساخر على هامش اللقاء: “المصريون يجدون باستمرار شخصا يعتبرون العالم العربي كله يتابعه، وها هم بعد أم كلثوم وحليم والبقية يجدون اليوم باسم يوسف”. ابتسم العديدون، لكن المحروسة تظل ولادة باستمرار.
في الذهن رنت فكرة واحدة وأنا أسمع كل ذلك الكلام عن الانتقال من عهد صحافي قديم إلى العهد الجديد: الأمر خاص بمن بدأ الصحافة فعلا وتألق فيها. أما نحن فملزمون بالبدء من الصفر لكي نبدأ يوما صحافتنا التقليدية، ولكي نتألق فيها وبعد ذلك من الممكن أن نقفز قفزتنا الشهيرة في الهواء…عن علم هذه المرة، لا عن جهل.
راودتني الفكرة وقلتها، وإن وجدت نفسي في الختام أتفق مع من يقولون إن الصحافة التقليدية ماتت لدينا، لأنني أيضا أقول إنها لم تولد أصلا بعد.
نتيجة واحدة؟ أليس كذلك؟