الشارة علامة. الشارة رسالة. الشارة نوع من الوعي وتعبير مركّز عن معنى عميق.
يوم اختار الثوريون عبر العالم شارة النصر برفع أصبعين كانوا يرمّزون ويكثفون المعاني. جميعا كنا نشعر بالرهبة عند رؤية ياسر عرفات وهو يرفعها في وجه من تكالبوا على بلاده. كانت إشارته تختزل كلاما كثيرا، وكنا نحن نلتقطها ونمنحها صفحات من المعاني والكلام.
أما الإسلاميون فقد رفعوا شارة التوحيد بأصبع واحد (السبابة)، ثم تطورت “نظرية الإخوان” وخرج لنا البعض بموضة أربعة أصابع (شارة رابعة).
ورفع الأمازيغ ثلاثة أصابع، في إشارة إلى حرف تيفيناغ.
أما المغاربة فرفعوا شارة الحسد و”خمسو” في وجه الحاسدين خوفا من العين، وعلقوها في قلادات وعلى أبواب وجدران منازلهم.
وحين جاء الدور على الاتحاديين، خريجي المدرسة الاشتراكية التقدمية النضالية الثورية… رفع معارضو “المحنك” إدريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد، شارة الصبع (حشاكم) بلا حشمة وبلا حيا. الصبع ليس للشكر فقط، لكن للسياسة المغربية التي سفهتها أحزابها. ولك أن تحاول تفكيك الرسالة وإعطاءها معنى نضاليا ولن تجد إلا “الصبع” في زمن الرفاق الجدد.
عشنا وشفنا الناس اللي جدودهم كانو كيهزو السلاح ويطلعو للجبال ومضاربين مع النظام وهربانين ومنفيين ولاو كيهزو الصبع لبعضياتهم. هذا كله في تطور غير طبيعي وغير مفاجئ على مستوى الجينات الاتحادية، فكانت النتيجة عاهة مستدامة ملي تقطع الصبع (السبابة) لشارة النصر وانحنى الأصبع الأوسط إلى الأمام فيما يشبه السقوط.
ورغم أنني ما بيني وبين لشكر ومعارضيه غير الخير والإحسان، ولا أنتمي لحزبهم، ولا لي لا في العير ولا النفير، إلا أنني عند مشاهدتي للصورة أسفل المقال رأيت هنري دي سان سيمون، مخترع كلمة الاشتراكية، والرفاق ماركس ولينين وسطالين، والقادة عبد الله إبراهيم وعبد الرحيم بوعبيد والمهدي بنبركة وعمر بنجلون ومحمد عابد الجابري… (رأيتهم) في السماء ينظرون إلى حفدتهم ويترحمون على الاشتراكية والنهار اللي بتاكروها وناضلو وماتو على قبلها.
رحم الله الاتحاد حين كانت قبضة اليد تمنح وردة حمراء، رمز الحب. ورحم الله الاتحاد حين صارت قبضة اليد تعطي الصبع، رمز داك الشي اللي كتعرفو.. وحشاكم.
خفت نختم بمقولة تحية آ الرفيق لا تفهوني غلط.
