• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الخميس 13 مارس 2014 على الساعة 10:52

سيدنا نوح وراسل كرو!!

سيدنا نوح وراسل كرو!! لمختار لغزيوي [email protected]
لمختار لغزيوي larhzioui@gmail.com
لمختار لغزيوي [email protected]

آخر أخبار دول العالم العاشر، التي تعيش خارج منطق الزمن تماما تقول حسب ما ترويه القصاصة المكتوبة بجدية رغم سخرية الموقف وهزله التالي: “منعت دول عربية، وهي قطر والإمارات العربية المتحدة والبحرين، عرض فيلم أمريكي يجسد شخصية النبي نوح عليه السلام، ويؤدي دوره الممثل الشهير راسيل كراو، وهو الرفض الذي جاء بعد موقف مماثل من مؤسسة الأزهر في مصر”.

وتوقعت شركة باراماونت لإنتاج وتوزيع الأفلام أن “تحذو دول عربية أخرى حذو البلدان الثلاثة، حيث من المتوقع أن يرفض بلدنا هو الآخر حسب الشركة، بالإضافة إلى الكويت والأردن، عرض الفيلم في دور السينما، وذلك بسبب نفس الاعتبارات الدينية التي استند عليها رفض الدول العربية ومؤسسة الأزهر الشريف.

وكانت المؤسسة الدينية الشهيرة والتي تحظى باحترام كبير في العالم العربي قد أصدرت قبل أيام قليلة فتوى ترفض الفيلم السينمائي الجديد الذي يسرد مشاهد من حياة النبي نوح، باعتبار “حرمة أي أعمال تجسد أنبياء الله ورسله وصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكونها تتنافى مع مقامات الأنبياء والرسل، وتمس الجانب العقدي وثوابت الشريعة الإسلامية، وتستفز مشاعر المؤمنين”.

وشددت فتوى الأزهر، بمعية هيأة كبار العلماء ومجمع البحوث الإسلامية، على رفض عرض الشريط بالتأكيد على أن “عرض الفيلم الذي يتضمن تجسيدا لشخصية النبي نوح، أمر محرم شرعا، ويمثل انتهاكا صريحا لمبادئ الشريعة الإسلامية التي نص عليها الدستور”.

لحسن الحظ أو لسوئه، لأنه من الصعب فعلا اتخاذ موقف واضح في نازلة مثل هاته تتناول أمورا حدثت في أزمنة أخرى لا علاقة لها بزمنن، لم يكن هناك إجماع حول الموقف الرافض للفيلم داخل مصر بعد فتوى الأزهر، فقد اعترضت “جبهة الإبداع المصري”، التي تضم عشرات المثقفين والفنانين والمخرجين المصريين، على موقف الأزهر، واعتبرت أنه “محاولة تعد على دور جهاز الرقابة على المصنفات الفنية”.

وقال بيان الجبهة الحداثية المصرية إن “فكرة تحريم تصوير وتجسيد الأنبياء والصحابة في الأعمال الفنية ما زالت حتى الآن لا تتعدى اجتهاداً من الشيوخ والفقهاء، ولا يوجد نص قرآني واحد أو حديث شريف ينهى عن ذلك بوضوح”.

وكان العالم الإسلامي قد شهد قبل سنتين جدلا عارما بسبب عرض مسلسل عمر بن الخطاب، تماما مثلما شهد نقاشا مشابها حول تجسيد شخصية النبي يوسف في مسلسل شهير تابعه الكل، لأن السؤال الذي يطرح كل مرة هو: هل يجوز تجسيد الصحابة في الأعمال الفنية؟ وهل هذا التجسيد يسيء لهؤلاء الصحابة أم يقدمهم بشكل جيد للأجيال التي لم تتعرف عليهم بشكل مباشر ولم تعاصرهم، أي كل الأجيال التي أتت منذ أربعة عشر قرنا وحتى الآن.

نقاشات مسلية مثل هاته تنضاف لنقاشات أكثر طرافة تشغل بال العرب البائدة، وتمنحنا اطمئنانا أكيدا أن الحمقى الذين يذهبون للبحث عن الماء في المريخ، والذين يرسلون المركبات الفضائية إلى عطارد وزحل ونبتون لأغراض علمي، هم أناس لا خير يرجى فيهم نهائيا. نحن على الأقل لا نخرج من واقعنا لكي نلقي بأنفسنا في المستقبل المجهول، ولا نركب المخاطر من أجل اكتشاف علوم حديثة.

لا، نحن توقفنا عند مرحلة حماية أنبيائنا، عليهم السلام طبعا، من التجسيد في الأفلام، وإن كان راسل كرو هو المشخص لسيدنا نوح، مثلما توقفنا عند أمور أخرى أكثر اقترابا من معيشنا مثل إرضاع الكبير، وحرمة الجلوس على مقعد جلست عليه أنثى، وجواز شرب بول البعير، وضرورة ضرب المرأة ثلاث مرات في اليوم وإن لم تقترف شيئا، لأنها تعرف سبب الضرب وإن كنا نحن لا نعرفه.

لذلك قد تبدو الأمور للمتتبع تافهة أو لا معنى لها أن يجتمع علماء هيأة ذات قيمة مثل الأزهر الشريف (عليها مهمات جسام اليوم في تطوير ديننا والاجتهاد فيه، وإخراجه من القراءات المتزمتة إلى قراءات أكثر حداثة وانتماء لعالم اليوم)، لكي يتدارسوا إمكانية السماح لصديقنا راسل كرو بتجسيد شخصية سيدنا نوح، لكن الأمر ليس هكذا نهائيا.

الأمر مهم حقيقة وإن بدا لنا غير ذلك. فحماية أنبيائنا من التمثيل والتقديم على شاشات السينما مسألة أساسية وحاسمة، وهي وحدها _دون غيرها_ التي ستضمن لنا حماية الدين من التشدد والمتشددين، وهي التي ستعيد للإسلام تألقه في كل أنحاء المعمور، ومن غير المستبعد أن يدخل الناس في دين الله أفواجا في كل مكان من العالم حين سيسمعون أن علماء الإسلام قدد منعوا توزيع فيلم راسل كرو في القاعات السينمائية التابعة لنطاقهم.

سؤال صغير يبقى عالقا مع ذلك: هل تسري هاته الحرمة على الأنترنيت هو الآخر؟ أم ترانا نتمكن من رؤية هذا العمل عبر الشبكة العنكبوتية بكل سهولة، خصوصا وقد قدم له هؤلاء المتفيقهون أفضل خدمة إشهارية ممكنة كان يحلم بها؟

مجرد سؤال لإشباع الفضول، أما نحن ففي العمق متفقون تماما مع هؤلاء العلماء: “آش بغينا كاع بشي سوليما؟” مثلما قال الآخر صادقا…