• صحافي جزائري: تصريحات تبون سوقية تؤكد أنه لا يمتلك ثقافة رجل الدولة!
  • مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
عاجل
الأربعاء 22 يونيو 2016 على الساعة 14:07

رأي.. خطر السلطة الخامسة!!

رأي.. خطر السلطة الخامسة!!

unnamed

فتح الله رمضاني
السلطة ومن خلال كل تعاريفها لا يمكن أبدا عزلها عن ما تخوّله وتضمنه من صلاحيات محددة لصاحبها، وهي في كل الأحوال حقوق ممنوحة من طرف وضع اجتماعي معين، لكن يحدث كثيرا وتصبح جهات معينة ذات سلطة معنوية مفروضة قسراعلى هذا الوضع الاجتماعي. فإذا كانت السلطة ومن وجهة نظر كلاسيكية مقسمة إلى أربعة أقسام، تنفيذية، تشريعية، قضائية بالإضافة إلى وسائل الإعلام، فقد أصبح مفروضا اليوم الاعتراف بسلطة خامسة غير هذه الأقسام، استطاعت فرض صلاحياتها عبر التأثير في الصلاحيات الأربع الأخرى لتصل إلى حد مساءلتها ومحاكمتها محاكمات شعبية تكون صفحات المواقع الإلكترونية والمدوّنات ومواقع التواصل الاجتماعي ساحات لها.
وبعيدا عن نقاش مشروعية الصلاحيات التي تقوم مع قيام سلطة معينة، أو بعيدا عن نقاش سلطات العالم الثلاث، والتي تقوم من داخل أي وضع اجتماعي، لتجد فيه شرعيتها ومن خلالها مشروعية قراراتها، لنتكلم هنا عن حدود صلاحيات السلطة الخامسة الجديدة، مشروعيتها ومدى تأثيرها في الرأي العام، في مقارنة مع مشروعية وسائل الإعلام بشكل أوسع، أو لنقتصر فقط على مقارنتهما من خلال قوة تأثير كل منهما فقط، دون الحديث عن مشروعية أي منهما، حتى لا نسقط في مطبّ نقاش العلاقة بين ضرورة المشروعية ووجود أي سلطة في الأصل وهو نقاش نظري مشروع طبعا، وحتى لا نجد أنفسنا ونحن الذين لا نبغي من مقالنا هذا غير المشاركة في التنبيه إلى ميلاد سلطة جديدة، أمام أحكام أقلام صحافية أصبحت تعتقد أن لها من الشرعية والمشروعية والصلاحيات والمهام ما يجعلها قادرة على الكتابة في أي أمر وكل أمر.
وإذا كان هناك من يعتبر بأن السلطة الخامسة، ما هي إلا جزء من السلطة الرابعة، باعتبار أنها تضم كل وسائل الاعلام، وبكل اختلافات قنواتها. فالأصل أن نعت وسائل الإعلام بالسلطة كان أساسه قوة التأثير الذي تحظى به هذه الوسائل، بمعنى أنه نعت اتسمت به بعد تفوقها على مستوى التأثير في الناس بالمقارنة مع السلطات المعروفة، ومن هذا فعادي جدا ومنطقي أن يتم نعت كل من المدوَّنات والمدونين، ومواقع التواصل الاجتماعي وكل الناشطين فيها بالسلطة الخامسة ما دامت هذه القنوات قد أبانت على كعب عال في التأثير أكبر من القنوات الكلاسيكية من صحف وتلفاز وراديو.
ففي المغرب وخصوصا بعد حراك 20 فبراير، طفت على المشهد أسماء مدونات ومدونين، اقترنت بإثارة العديد من القضايا التي أصبحت قضايا رأي عام، وتطلبت استنفارا حكوميا من أجل التفاعل معها، وهي هكذا أصبحت ذات تأثير مباشر في عملية صناعة القرار السياسي بالبلد، مستفيدة مما يتيحه الأنترنيت من سرعة تدخل وتفاعل مع الأحداث في وقتها الحقيقي، عكس قنوات الاعلام الكلاسيكية التي لا تجيب عن ما يعرفه البلد من أحداث إلا بعد مضي يوم على الأٌقل، هذه السرعة في التدخل جعلتها تتجاوز حتى انكماش صلاحية السلطة التنفيذية ذات الشرعية، فيما يخص تباطؤها في تنظيم مجالات تدخل المواطنات والمواطنين في إطار ما نص عليه الدستور فيما يتعلق بالديمقراطية التشاركية في شكلها الأوسع، بل تعدت تجاوزها إلى توجيهها ودفعها للخضوع لسلطتها ورغباتها.
لكن الأكيد أنه كما لهذه السلطة من حضور إيجابي متمثل في قدرتها على التعبئة وعلى توجيه الجماهير نحو إبداء موقف جماعي وموحد اتجاه قضية ما، خصوصا إذا كان موقفا سليما وقضية عادلة، فلها حضور سلبي أيضا يتمثل في نسبية صحة الموقف الذي تتبناه وفي مخلفات تداعياته، أو في استغلالها في أمور غير شرعية وغير مشروعة، فالملاحظ أن هذه القنوات تم الاستيلاء عليها من طرف جيوش إلكترونية متحزبة أو متمذهبة أو متأدلجة، استغلت ما تتميز به هذه القنوات من مميزات كإتاحتها لسهولة انتقال المعلومات والأخبار والمواقف، وضمانها لصعوبة التأكد من صحة هذه المعلومات أو تصحيح نواتجها بعدما تكون قد استشرت بين الناس نظرا لتأثيرها القوي فيهم، وهذا يفرض التفكير في آليات تستطيع توجيهها نحو أداء دور إيجابي ومشروع، والقصد هنا ليس طلب التضييق أو الحظر، فهو أمر غير ممكن وصعب جدا أمام ما تتميز به من خاصيات، لكن المفروض هو تأهيلها، هو تطوير أدائها من خلال تطوير المنظومة القانونية حتى تشمل كل فضاءات انبعاث هذه السلطة، ولا حل هنا غير تخليق الحياة العامة، وحتى يصبح الناشط مدركا ومسؤولا، وبالتالي حتى تصبح هذه السلطة سلطة موجهة لخير الوطن.