• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الإثنين 09 يونيو 2014 على الساعة 12:39

خوان كارلوس: ولادة الملكية!

خوان كارلوس: ولادة الملكية! لمختار لغزيوي [email protected]
لمختار لغزيوي larhzioui@gmail.com
لمختار لغزيوي [email protected]

من إسبانيا أتى الدرس بليغا هاته المرة، ولو أن البعض حاول تحميله أشياء أخرى: الملك خوان كارلوس يتنحى عن العرش ويسلم ولي عهده الأمير فيليبي الذي سيصبح فيليبي السادس مقاليد المسؤولية، أو لنقل مقاليد المسؤولية الرمزية، طالما أن إسبانيا اختارت لملكيتها أن تسود وألا تحكم، واختارت -بفضل خوان كارلوس أولا وهذا أمر لا ينساه المؤرخون أبدا- أن تدخل عرشها إلى حداثة لم تكن مفروضة عليه حين تولى خوان كارلوس الحكم.

يجب القول هنا إن العكس هو الذي كان سائدا، وأن الملك الشاب في تلك السنوات السبعينية التي تبدو بعيدة الآن كان محاصرا بحرس قديم يريد منه أن يواصل على نهج فرانكو، وأن يعزز مكانة العسكريتاريا، وأن يمارس صلاحياته وصلاحيات باقي المؤسسات مثلما أراد ذلك.

خوان كارلوس كانت له تصورات أخرى لبلده، وكان متفهما أن أي نهضة اقتصادية وحياتية لإسبانيا لن تتم إلا في ظل جو ديمقراطي من الضروري بناؤه من البدء ومن الضروري فتح المجال له، وهو ما قام به وسط مقاومة شديدة تحداها، بل وتحدى حملها للسلاح حقيقة في وجهه ووجه البرلمانيين داخل “الكورتيس” أي مجلس النواب.

قطفت إسبانيا منذ بداية الثمانينيات ثمار إيمان خوان كارلوس بالديمقراطية، وكان احتضانها لكأس العالم لكرة القدم سنة 1982 بوابة يد عالمية مدت لها مكنتها في سنوات قليلة من الانتقال من حال، كنا نعرفه نحن المغاربة جيدا عن إسبانيا قبل خوان كارلوس، إلى حال آخر مغاير تماما.

تلك السنوات التي قلنا إنها تبدو بعيدة الآن أفسحت المجال لسنوات أخرى أقسى هاته المرة، مرت التسعينيات وبداية الألفين، وأتت سنوات الأزمة. مس الإسباني في أقرب شيء إليه: استقراره اليومي. البطالة نفذت إلى كل القطاعات، والشهر أصبح أطول من المتحمل، والمظاهرات أضحت فعلا يوميا في كل مكان دلالة أن النموذج الاقتصادي الذي بني على سنوات الانتقال المرفه الأولى قد بلغ مداه.

صراعات “الشعبي” و”الاشتراكي”، الحزبان المتناوبان على الحكم في إسبانيا كانت لها آثارها على الناس، وفقدان الثقة في السياسة أصبح المتحكم الأول في تصور الإسبان لمشهدهم العام، وبين كل هاته التوترات نقلت الصحافة أخبارا عن مصاريف استثنائية لخوان كارلوس لا تتلاءم مع وضعية “الكريسيس” أو الأزمة التي يعيشها الإسبان.

امتلك الرجل فضيلة رائعة لا ينقلها من يتحدثون عن رحيله الاضطراري اليوم بسبب الفساد، هي أنه امتلك جرأة وشجاعة القدوم إلى التلفزيون لكي يعتذر لشعبه عن الحركة غير اللائقة كثيراً، ولكي يعدهم أن تصرف رحلة الصيد الشهيرة لن يتكرر أبدا. لم يمثل خوان كارلوس دور الإله المعصوم من الخطأ، لم يهرب لتحميل المسؤولية للآخرين أو البحث عن مبررات. قال أعتذر وكفى.

ازداد الرجل احتراما في أعين مواطنيه وفي أعين كل من يتابع الشأن الإسباني وطوقت صفحة رحلة الصيد تماماً، وعرضها فتحت صفحة أخرى كانت بادية للعيان هي صفحة صحة الرجل المعتلة، خصوصا وقد وصل سنا متقدمة لم تعد تسمح له بالمقاومة.

هنا، ومثلما أصر خوان كارلوس في بداية عهده على تقديم نموذج رائع لملكية حداثية تؤمن بالديمقراطية سبيلا للتقدم، أصر في نهاية عهده على أن يراهن على الشباب، وأن يترك لإبنه العرش وهو على قيد الحياة.

الحمقى الذين سيرون في هذا التنحي “نهاية للملكية في إسبانيا وفي العالم” ملزمون بعد تصحيح النظر بتصحيح العقل، وتصحيح القدرة على القراءة السياسية للأحداث بعيدا عن منطق إسقاط الطائرات المريض.

الملكية في إسبانيا بخطوة خوان كارلوس الأخيرة، وبخطوة ملكة هولندا المشابهة التي سبقتها، تعطي لنفسها حياة جديدة، وتقترح – شرط التوفر على حياة سياسية حقيقية قربها ترافقها وتسير الشأن العام – الدليل على أنها الأصلح، وهو مايفسر اليوم الشعبية الجارفة لملكة بريطانيا التي احتلت بمرور 72 سنة على صعودها إلى العرش، والتي رأيناها السبت تحظى بأكبر استقبال شعبي في فرنسا.

نفس فرنسا التي ترتفع فيها اليوم أصوات الملكيين متسائلة أمام أزمة الجمهورية الخامسة وأمام صعود اليمين المتطرف وكفر الشعب بالسياسة إن لم يكن الأفضل هو العودة إلى شكل نظام آخر…

غدا نكمل هذا الحديث الشيق وذا الشجون فعلا…