• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الخميس 30 مارس 2017 على الساعة 11:29

جمرة العثماني…

جمرة العثماني… رضوان الرمضاني facebook.com/ridouane.erramdani
رضوان الرمضاني facebook.com/ridouane.erramdani

 

بالنسبة إلى البعض، يبدو سعد الدين العثماني إنسانا محظوظا بشكل خرافي، فهو الذي غادر الحكومة وزيرا، قبل حوالي ثلاثة أعوام، وانسحب إلى الخلف صامتا كمن ابتلع لقمة مرة، عاد إليها رئيسا، بشكل لم يكن متوقعا، وفي وقت ينسب أغلب المراقبين فضل احتلال حزب العدالة والتنمية المرتبة الأولى، برسم الانتخابات التشريعية الأخيرة، وبذلك حيازة رئاسة الحكومة، (ينسبون هذا الفضل) إلى الأمين العام للحزب، عبد الإله ابن كيران.
بناء على هذا المنطق في قراءة ما حدث، سيعتبر أصحاب هذا الطرح أن ثنائي العثماني وابن كيران ينطبق عليه المثل الدارج “خدم يا التاعس على الناعس”، بدعوى أن الأول بذل الجهد وصرف الوقت، مستثمرا موهبته الخطابية وطاقته التعبوية ونفسيته المسكونة بالزعامة، فجاء الثاني، بلا منبه ولا “سينيال”، منفذا عملية تجاوز كبيرة، ليأخذ مكان الأول، ويجني ما زرع الأول، والوجبة على طبق من ذهب لم يكن للأول.
في مقابل الطرح السابق، هناك من يعتبر أن العثماني تلقى هدية “قاسية” في ظرف “قاس”، فحمل بين أصابع يديه حفنة جمر متقد، تتطاير شراراتها، والشرارات بقليل من “النفخ”، أو الرياح، قد تتحول إلى لهب صغير، واللهب يكبر إن وجد الفضاء المناسب.
جرت العادة أنه “ملي كطيح البقرة كيكثرو الجناوة”، أما في حالة العثماني فقد كثرت السكاكين بمجرد ما صعد الرجل إلى رئاسة الحكومة، وما هذه غير البداية، فالمتوقع أن يقضي الرجل أسوأ أيام حياته في هذا المنصب، وستأتيه الضربات من “الإخوة” قبل “الخصوم”، فحتى وهو المتمكن من آليات ضبط النفس، بحكم مهنته، قد يواجه ما لم يتخيل من الصعوبات، وبعدما كان يعول عليه أن يعالج تأثر “نفسية” الحزب إثر “صدمة” إعفاء ابن كيران، ربما سيحتاج إلى من يساعده على الصبر.
العثماني ليس هو ابن كيران الذي كان قادرا على “إخراس” قواعده بتوجيه من سطرين، لذلك يتعرض لحملة جلد غير مسبوقة، بدأت صامتة مباشرة بعد تكليفه بتشكيل الحكومة، وتحولت إلى حملة بكثير من الغمز واللمز والتلميح بعدما تسربت أخبار عن إمكانية إدماج الاتحاد الاشتراكي في الأغلبية الحكومة، وتحول التلميح إلى تصريح والهمس إلى جهر، إثر الإعلان الرسمي لـ”الوردة” ضمن مكونات الأغلبية الجديدة.
إلى حدود الآن، اختار العثماني الصمت، ويبدو، رغم شعار وحدة الصف في قيادة البيجيدي، أنه يتلقى الضربات وحده، ونيابة عن الجميع، وهنا مكمن الغموض.
إذا كان مفهوما، سياسيا على الأقل، أن يتفادى البيجيدي شرح كل شيء في هذه المرحلة، فإنه من المفروض، على الأقل، أن يسند ظهر العثماني الذي تحمل مسؤولية صعبة للغاية، فيما يتضح أن البعض يفضل أن لا “يتورط” قبل أن تتضح ملامح المرحلة (الحزبية) المقبلة، فإن نجح العثماني قال إنه نجاح جماعي للحزب، وإن فشل قال إن الرجل هو المسؤول شخصيا عن الفشل. هذا نوع من الخسة.
البيجيدي لم يعد حزبا مبتدئا، فقد تشرب السياسة وخبر مطباتها ومنعرجاتها، وألف القيادة في الطريق بأنواعها والتعامل مع “الضواضانات”، وما يعيشه حاليا، في الجزء الخاص بعلاقته بالحكومة، ليس شأنا داخليا فحسب، لذلك من الطبيعي أن تختلف القراءات والتقديرات والتأويلات حوله.
طبعا لكل امرء ما قرأ، وما نوى، لكن التسرع والاستسهال في قراءة الوضع وإطلاق الأحكام عليه فيه مغامرة كبرى. القراءة المتأنية لهذه التطورات تحتاج إلى الكثير من العناية والحذر، وليس إلى مجرد شحنة حب في هذا الاتجاه أو شحنة كره في الاتجاه الآخر.
تبدو أغلب ردود الفعل مبنية على أثر نفسي لغياب ابن كيران، ورفض أمر أو المطالبة بأمر غالبا ما لا يتم إلا على أساس عاطفي حتى وإن غلف بكثير من ادعاء الموضوعية.
في السياسة واحد زائد واحد لا تساوي اثنين دائما. وفي السياسة الكبرياء مهم، لكنه لا يكفي. والكثير من الاستئساد لا يعني الشجاعة بالضرورة، فقد يكون مجرد تضخم في “الاستقطاط”.
رأفة بالعثماني.

#مجرد_تدوينة