• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الخميس 18 مايو 2017 على الساعة 09:41

ممثلو “الغمة”!

ممثلو “الغمة”! رضوان الرمضاني facebook.com/ridouane.erramdani
رضوان الرمضاني facebook.com/ridouane.erramdani

 

بين ما قالته أحزاب الأغلبية الحكومية بالصوت، قبل أن تعدل كلامها وتلطفه في بلاغ مكتوب، وبين ما قاله ويقوله محركو الاحتجاجات في الحسيمة، ويردده معهم المتعاطفون، تاهت حقيقة هذه الجمرة التي تؤرق البلد كله، وتلاشت معها معالم الحل.

باختصار، جاو يكحلوها عماوها، فتحول “الزعماء” إلى مادة للسخرية، والتعاليق الجارحة أحيانا، وهذا، في نهاية المطاف، ليس إلا مشهدا قصيرا يختزل البؤس الذي تكرس في البركة السياسية المغربية، فالأحزاب المفروض أن تكون وسيلة للحل تتحول إلى جزء من المشكل. إنها العاهة المغربية المستديمة.

النتيجة الواضحة للاجتماع إياه، وللتصريحات إياها، ولخروج الوجوه إياها، هي أن الوضع في الريف صار أعقد مما كان، والجمرة التي كانت تؤرق فقط تكاد تحرق الآن، ومن كان على مسافة مما يسمى “حراك الريف”، تخوفا أو توجسا أو من باب اللامبالاة، صار معنيا به أو متعاطفا معه، عوض أن يبتعد عنه من كان فيه أو قريبا منه.

هذا كله بـ”فضل” أولئك الذين سكتوا دهرا ونطقوا بما نطقوا به. لقد قدموا، من حيث لا يدرون، أفضل هدية لمحركي هذه الاحتجاجات، وقاموا بأحسن حملة إشهار لما يسمى الحراك، حتى أحرجهم مطلب “هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين”.

لا يمكن الطعن في حقيقة جزء مما قيل، فتحت أكمة الاحتجاجات في الحسيمة الكثير من علامات الاستفهام، والأجوبة مشتتة بين بؤر غامضة تشتغل من إسبانيا ومن دول أخرى، إنما تسويق الأمر بالطريقة التي تمت مجحف في حق منطقة بكاملها.

الأمر أكبر من حركة احتجاجية في الحسيمة، تحركها المطالب الاجتماعية وتغذيها أياد خفية مسكونة بنزوات انفصالية (حتى لا يقال مطالب انفصالية)، وربما وزير الداخلية، المتحدر من هذه المنطقة، يعي درجة الحساسية التي تسكن نفوس أهل الريف، بعضها مفهوم وبعضها مبالغ فيه، وبعضها نتاج لشلال حرية يجري على مواقع التواصل الاجتماعي، لهذا فإن الخروج أعطى مفعولا عكسيا، وكاد يصب الزيت على النار.

أغلبية سعد الدين العثماني بدأت “ولايتها” بخطأ لا يرتكبه حتى المبتدئون في السياسة وفي العمل الحكومي. فأن تجتمع، في بيت رئيس الحكومة على ما يبدو، ويحضر الاجتماع وزير الداخلية، وجدول الأعمال لم يتضمن نقطة أخرى غير احتجاجات الريف، وأن يخرج “الزعماء” بتصريحات فضفاضة وكلام خطير، “اعترف”، للمرة الأولى، بوجود نفس انفصالي في المنطقة، هذا لا يستحق إلا وصفا واحدا هو “الزلة”. أما الأحزاب فتعبر، مع مرور الوقت، عن جبن كبير، ولا تستثمر وقتها إلا في المزايدات الفارغة وبناء المعارك إلى المجهول.

المغرب، بكل تفاصيله، يحتاج إلى كثير من الصراحة في هذه المرحلة، لأنه ما عاد من مجال، ولا من مبرر، لتغطية الشمس بالغربال. الأوضاع الاجتماعية ما عادت تبشر بالخير، وقائل العكس إما جبان أو منافق أو يعيش في بلد آخر. وما يستفز أكثر في هذا الوضع ليس الحركات الاحتجاجية المتفرقة هنا وهناك، بل هو تعامل الحكومات المتعاقبة بكثير من البرود والاستخفاف مع مطالب الشارع، وعوض أن تستشعر الخطر وتبحث عن حلول أو مبادرات استعجالية، من باب ترطيب الخواطر على الأقل، تستمر في سياسة التدبير العادي كما لو أن الأمور كلها على ما يرام، وتستمر في بيع أوهام نسبة النمو والعجز والميزان التجاري وغيرها من المؤشرات التي لا يفهمها غير صندوق النقد الدولي، فيما المؤشرات التي ينتظرها المواطنون واضحة وبسيطة لا تحتاج إلى علماء اقتصاد لوضعها.

هذه حقيقة لن يخفيها لا سعد الدين العثماني ولا إدريس لشكر ولا محمد ساجد ولا سعيد أمسكان ولا خالد الناصري وولا رشيد الطالبي العلمي ولا عبد الوافي الفتيت نفسه، وهم الذين حضروا الاجتماع المذكور، مثلما لن تخفيها الأحزاب التي لا تعود إلى الشعب إلا وهي تحمل صناديق الاقتراع وتعد الأصوات، لكنها تغيب حين يتطلب الأمر الحضور، ومع ذلك لا تخجل في ادعاء أنها تمثل الأمة، فيما الحقيقة أنها تمثل “غمة” مغربية لا تزول.

#مجرد_تدوينة