• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الخميس 20 سبتمبر 2012 على الساعة 09:01

في بلاد الإسبان

في بلاد الإسبان

في مدريد منذ الأحد الفارط، للقاء أعترف أنه لا يشبه اللقاءات السابقة مع القيادات الإعلامية الإسبانية. هذه المرة، والمبادرة لخليل الهاشمي الإدريسي مدير وكالة المغرب العربي للأنباء، لا نذهب إليهم طلبا لأي شيء. هذه المرة نذهب إليهم لكي نقول لهم “أخبرونا فقط ماذا تريدون من المغرب؟”.

العلاقات الثنائية الإسبانية المغربية تمر من أزهى لحظاتها، لكن صحافة الجيران لا تحفل بنا إلا قليلا، وحين تحفل تهتم فقط بالجانب المظلم منا. نحن نقول لهم هذه المرة: اهتموا بالجانب المظلم الذي يروقكم أن تركزوا عليه. احتفلوا بالانفصاليين في الصحراء التي تصفونها بالغربية، وتزيلون عنها ميم الانتماء الذي يجعلنا نؤمن أنها مغربية. أعطوا الكلمة لأمينتو وغير أمينتو. إذهبوا إلى تندوف واكتبوا من هناك مئات المقالات المناصرة للبوليساريو. ادعموا الأصوات النشاز لدينا. تبدو لكم أقلية. طيب، جيد جدا. أعطوها حق الكلام. أعطونا أيضا ما تريدون من دروس في الديمقراطية وحقوق الإنسان. علمونا من أين نبدأ لكي ننتهي إلى ما انتهيتم إليهم أنتم اليوم: ديمقراطية “ديال بالصح”.

لكن وأنتم تقومون بكل هذا، لا تنسوا أننا نقوم ببعض الجهد.

لا تنسوا أننا البلد الوحيد في المنطقة الذي مر من جحيم الربيع العربي بسلام. لا تنسوا أننا بدأنا إصلاحتنا السياسية منذ 1999. لا تنسوا أننا نريد تقليدكم في الحرية، وأننا نحاول المستحيل لكي نصل إلى ما وصلتم إليه منذ 1978.

ساعدونا على المشي في هذا الطريق. لا تحبطونا كل مرة وأنتم تقولون لنا “مهما فعلتم أنتم لا تصلحون للديمقراطية”. مدوا لنا يد العون، لا المادية فنحن نلمس اليوم أن الأزمة تمسكم أكثر منا ربما، لكن المعنوية، وقولوا لنا إننا صالحون للانضمام لنادي البلدان الديمقراطية وإن بدا علينا ظاهريا أننا غير جاهزين أو غير جادين مثلما تعتقدون.

وأنا أنصت رفقة الوفد المغربي الذي تحول حتى مدريد يومي الإثنين والثلاثاء لمداخلات كاتب الدولة في الخارجية ولنائبة رئيس الوزراء في قصر المونكلوا، ولبقية القيادات الإعلامية الإسبانية، كنت ألمس نبرة اعتذار عن كم الحرية الموجود في إسبانيا، وعبارة “اعذرونا لكننا لا نستطيع التدخل في عمل الصحافة هنا حتى وإن كتبت بشكل سيء عن بلدكم”.

نحن لا نريد اعتذارا عن الحرية بل نحن نريدها لنا أيضا. نحن نريد توقفا عن الجهل. نريد من إسبانيا وهي الجار الوحيد القوي الذي منحتنا إياه الطبيعة أن يرسل إلينا صحافيين راغبين في نقل المشهد المغربي مثلما هو. لن نقول لهم “زملاءنا، اكتبوا التالي، وامتنعوا عن كتابة التالي”.

لا سنقول لهم جملة واحدة فقط : اكتبونا كما نحن”.

هل الأمر أًصعب من قدرتكم؟ هل هو شاق إلى هذا الحد؟ هل هو عسير أن نطلب من ديمقراطية حقيقية مثل الديمقراطية الإسبانية أن تساعدنا على شق الطريق إلى الحرية لا إلى العكس؟

لا. كل شيء يقول لا. والأصدقاء الإسبان الذين التقيناهم الإثنين والثلاثاء, كانوا يقولون من خلال كل تصرفاتهم “لا”. لكنهم كانوا يتوقفون في مكان ما نعجز عن تحديده، لكي يلقوا بنا إلى حيرة التباساتنا المتعددة، وإلى السؤال الأكبر مجددا: ألا يريدون منا الالتحاق بهم فعلا؟

هذه المبادرة هي أصلا من أجل القطع مع هاته الحيرة، ومن أجل الوصول إلى حل. المغرب ملكا وشعبا وحكومة، يريد الديمقراطية. نحن حسمنا الموضوع سلفا، ونريد من البلد الديمقراطي الأقرب إلينا أن يأخذ بيدنا. هل في الأمر أي عيب أو استصغار؟ طبعا لا.

لا يمكننا أن نطلب الأمر نفسه من الجزائر الشقيقة. صديقنا عبد العزيز وشلة الجنرالات المحيطة به لا يملكون أي شيء مفيد في الموضوع. إخوتنا الموريتانيون مشغولون بأمورهم، لذلك لا تتتبقى لنا إلا إسبانيا، وكل المداخلات في اليومين السالفين انصبت على الأمر ذاته، والتقطت ما قاله كاتب الدولة في الخارجية الإسباني وهو يحكي جزءا من تاريخ ذلك البلد.

عام 1978، يقول غونزالو دي بينيتو في لقائه مع الوفد، سألت إسبانيا نفسها: هل نريد أن نقول لشعبنا من أين أتى؟ أم نريد أن نقول له إلى هو ماض؟

اختارت إسبانيا المستقبل، ووضع كثير من المحسوبين على الديكتاتورية الفرانكية فيها معالم الطريق القدم، ودخل فاشيون البرلمان الأول، ثم سارت الديمقراطية على سكتها إلى أن وصلت إلى ماهي عليه الآن.

نحن نريد هذا الأمر بالتحديد، مع التوقف طبعا عند الخصوصيات المحلية، ومع طلب المساندة من هذا البلد الجار الذي يعرف قيمة مغرب مستقر ديمقراطي آمن قربه تماما.

هذه كانت هي الرسالة، وأقولها من الآن: كل الإجابات كانت مشجعة. ننتظر فقط تفعيلها، فما أحوجنا للاقتداء بمن هم أفضل منا، أما الأسوء فلاحاجة حتى للحديث عنهم.