• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الإثنين 03 فبراير 2014 على الساعة 17:32

طفي معاك التلفزة!

طفي معاك التلفزة! لمختار لغزيوي [email protected]
لمختار لغزيوي larhzioui@gmail.com
لمختار لغزيوي [email protected]

اجتمع السبت الفارط لفيف من أهل التلفزيون، وأيضاً من أناس ليسوا أهلا له نهائيا، ولا تجمعهم به إلا علاقة الشر والإجرام أي الاعتداء عليه لسنوات والرغبة في مواصلة هذا الاعتداء فترة أخرى من الوقت، لكي يناقشوا وضعية السمعي البصري في المغرب اليوم. ولعله موضوع من بين أكثر المواضيع التي تتطرق لقصف النقاش كل مرة، إلى حد يجعل من الممكن أن يكون الموضوع محور أي لقاء تعدم محوراً له، وإلى درجة تفقد الموضوع فعلا أي مصداقية في النقاش اليوم.

لكن تعدد اللقاءات حول سمعنا وبصرينا لايعني مصادرة حق أي طرف كيفما كان نوعه في المناقشة، وإن كانت غير مفيدة، كما أنه لايعني أن كل المتحدثين في الموضوع لا يقولون أي شيء مفيد، بل هناك بعض الإشراقات التي تبزغ بين الفينة والأخرى على لسان بعض المتدخلين وتثبت أنه من الممكن أن نجد وسط ركام الكلام الساكت والكثير الذي يقال بعض الإفادة وإن كانت قليلة.

المشكل هو أن هاته الفائدة لاتوازي حجم الكلام الذي يقال ودرجة الإسهال التي مست المجال، ولا تشفع لكل هاته القيامة من الأحاديث التي تطلق هنا وهناك حول هاته القضية. لذلك بدا لقاء السبت الفارط مجرد لحظة زمنية ضائعة اقتطعت من وقت المغاربة التلفزي غير الثمين، ووضعت على رف مليء بملفات مشابهة لن يأتي أوان مناقشتها بشكل جدي وحقيقي أبدا في بلادنا.

والأكثر مدعاة للأسف هو أن كل المتتبعين يعرفون أن لقاء السبت الفارط كان فقط ردا من الوزارة وشركاتها على لقاء سابق لإدارة التلفزيون وشركاتها في إطار لعبة شد حبل ترهن القطاع منذ مدة غير هينة، وتفرض على المغاربة مشاهدة الإعادات تلو الإعادات والبرامج الهجينة التي لا وصف لها، لأن الجهتين المتصارعتين حول التلفزة في بلادنا ترفضان التنازل أو التسليم أو حتى الإنصات لبعضهما، وتفضلان لغة الاتهامات المتبادلة عن بعد مما لن يحل الإشكال التلفزي في البلد أبدا.

اليوم التلفزيون المغربي لن يعرف طريقه إلى حل أزمته بلقاءات أكل الكلام وإن نظمنا منها المئات، ولن تعود ماكينته للاشتغال وفق منطق التلفزيونات الحديثة بمواصلة الصراع بين الجهتين المتناحرتين حول الجهاز. خطوة واحدة من شأنها أن تعيد بعض أمل في الحياة لتلفزيوننا هي أن تقتنع الجهتان بأن دور إحداهما هو الإشراف النظري الكبير، لا التدخل في التسيير اليومي، وأن دور الثانية هو الإشراف الإداري مع فتح المجال الإبداعي على مصراعيه للقادرين عليه، وهنا بالتحديد يبكي فويتح رحمه الله، ويطرح السؤال الكبير نفسه: هل لدينا كفاءات إبداعية قادرة على صنع تلفزيون مغربي ينافس كبريات القنوات العالمية التي يشاهدها المغاربة؟

دعوكم من العبارات المسكوكة بابتذال لفرط تداولها، والتي تقول لنا إننا بلد مليء بالكفاءات التلفزيونية، لكنها معطلة.

الحقيقة هي أن عدد الكفاءات الفعلية في مجال التلفزة قليل ونادر لأن الأمر يتعلق بمجال لم يسمح للمغاربة بالإبداع فيه، ولم تفتح مدارس تلقن فعلا كيفية الاشتغال عليه، ولم نشغل بالنا منذ لحظة باكار -وهي لحظة متلبسة سياسيا- بالاستعانة بالخبرات الأجنبية فيه مثلما فعلت القنوات الخليجية مثلا من خلال الانفتاح على التجربة الانجليزية وهي تجربة جد متقدمة في كل مهن التلفزيون انعكست الاستعانة بها على مستوى عدد من هاته القنوات الخليجية.

اليوم، الشيء الواضح في ميداننا التلفزيوني هو أن نسبة الإبداع الفعلي والحق في الإتيان بأفكار غير مسبوقة، وفي تقديم برامج قادرة على إدهاش المغاربة فعلا، وفي التميز العملي في التلفزيون لا التميز الكلامي، هي نسبة جد متدنية ولا نقول منعدمة لأن الأمر سيكون تعميما ظالما.

نتيجة هذا النضوب الإبداعي نراها في نوعية مايقدم، وفي طريقة تقديمه، وفي نوعية الاقتراحات التي تقدم لتعويضه، ونراها أساسا في اقتصار الميدان على أسماء محدودة ظلت علاماته وإن لم تتمكن فعلا من التميز فيه.

وحتى عندما انتظرنا بديل هاته الرداءة الموجودة وتخيلنا أن رياح التغيير ستهب، لم تكن تلك النسمات ذات طابع مهني، بل أغرقتها السياسة في صراعاتها، وعدنا إلى نقطة البداية متحسرين على كل الوقت الذي ضاع، لكن مستعدين – وهنا مكمن كل البلاهة الخرافية – لإضاعة المزيد منه في صراعات ضيقة لا تراعي مصلحة الناس حقاً، ولامصلحة جهاز يفترض أنه وسيلتنا التي يجب أن تتطور لمخاطبتهم والتواصل معهم بشكل أفضل.

إلى متى؟ ذلك فعلا هو السؤال.