• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الخميس 22 ديسمبر 2016 على الساعة 12:12

حرية التعصير!!

حرية التعصير!! رضوان الرمضاني facebook.com/ridouane.erramdani
رضوان الرمضاني facebook.com/ridouane.erramdani
رضوان الرمضاني facebook.com/ridouane.erramdani

 

في المغرب، ومن باب الوجه الآخر للاستثناء إياه، يمكن أن تتحول بسبب رأي بسيط، يحتمل الصواب ويحتمل الخطأ، إلى داعر وعلماني وملحد وديوثي وصهيوني وفرنكوفوني واستعماري وإمبريالي ومخزني وشاذ جنسيا وكافر ومسيحي ويهودي ومجوسي ومريخيّ ومجرم، وإلى ثري مقامر مدمن على الحشيش وعلى الجنس، وإلى واحد من بائعي الذمم وأكلة لحوم البشر.

بسبب رأي، مهما كان بسيطا، في أي قضية مهما كانت بسيطة، يمكن أن تسمع، وتقرأ، و”تشم قذارة”، شتى أنواع السب والقذف والتجريح، وإن اخترت، أو فكرت، أن تجيب بفكرة أخرى، أو ترد على السب والقذف والترجيح بمجرد التماس للحد الأدنى من الأدب في الحوار، سمعت المزيد.

هذا كله يحدث تحت شعار كبير هو “حرية التعبير”. نعم، حرية التعبير، ومن جرب أن يجاري موجة العنف اللفظي الضاربة وسط المجتمع المغربي الرقمي، سيخسر لا محالة، وسيسمع، كثيرا، المقولة الشهيرة “نوض تشلل” و”عطيه العصير”، لتصبح بذلك “حرية التعبير” “حرية تعصير”.

إنها مفارقة غريبة، بل مخيفة، تلك التي ظهرت في السنوات الأخيرة، وصارت تنمو بسرعة قاتلة وسط شريحة واسعة من المغاربة. هي مفارقة وكفى، فلن يكون إنصافا تسميتها انفصاما، أو سكيزوفرينيا، كما يحلو للبعض أن يحكم بتسرع. ربما تستحق أن تسمى، من باب الإسهاب في الوصف، حالة ضياع، توازيها حالة خوف غير معلن من التعبير عما يخالف رأي “العامة”.

المخيف أكثر هو أن التعبير عن المواقف بهذا العنف، بكل “قطعية” و”قطيعية”، وصد كل رأي مخالف بكثير من “البلطجة” و”التشرميل”، لم يعد يقتصر على “الأشباح” ممن يتخفون وراء أسماء مستعارة، بل صار يمارس من قبل أشخاص بأسمائهم الحقيقية وصورهم الحقيقية.

إنها موجة تشنج اجتاحت هذا المجتمع، وتظهر إلى أي مدى تكلست فيه عروق الحوار، وأصاب شرايينه احتباس فكري حقيقي، وظهرت ثقوب كثيرة كبيرة في “أوزونه”، وأذنه الجماعية، حتى اختفى الإنصات إلى الآخر، وشاع “التكفير” بأشكال مختلفة.

“أنا أفكر، إذن أنا مرفوض”، هذا هو الواقع الجديد، فلا خبر يقين إلا ما أوردته “الجزيرة”، ولا فتوى صائبة إلا ما رواه الشيخ عبد الله النهاري، ولا حكمة صالحة إلا ما باعه الطيب رجب أردوغان، ولا تدوينة صالحة للتشاطر إلا ما كتبه أحمد منصور وخديجة بنكنة وفيصل القاسم. حتى المسكينة أحلام مستغانمي ما عاد أسودها يفيد ولا يليق.

المبدأ القطعي “القطيعي” هو أن كل ما يحدث من مصائب نتاج مؤامرات من “العدو”، وكل ما يصيب “العدو” من حرائق وفيضانات وقتل وإرهاب انتقام من الله لهذه الأمة المظلومة، مع أن الفايس بوك، الذي نبث منه هذه السموم، واحد من اختراعات هذا “العدو الكافر”. ومن تجرأ على قول عكس ذلك فهو مبعوث من الشيطان ليدمر الأمة.

جرب، ولو من باب التسلية، أن تكتب رأيا مختلفا حول ما يجري في حلب. جرب أن تعبر عن إدانتك لقتل السفير الروسي في تركيا. جرب أن تقول إن أوردوغان مجرد بشر. جرب أن تقول إن نور الدين عيوش له الحق في أن يجتهد ويخطئ. جرب أن تخترق الجدار الإسمنتي الذي يحيط بالعقول. جرب فقط.

هل جربت؟ إذن بصحتك العصير… نوض تشلل!

#مجرد_تدوينة