• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الجمعة 14 سبتمبر 2012 على الساعة 15:52

حروب.. الفن السابع

حروب.. الفن السابع
عادل الزبيري

بعد الحرب عبر القنوات الفضائية مطلع تسعينيات القرن الماضي، والتي حملت من قبل الأكاديميين اسم الحروب الناعمة، وكان مختبرها الأول حرب الخليج الثانية، يعيش العالم خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين حربا جديدة من دون أسلحة تقليدية ولا ذكية ولا بيولوجية، ولكنها أسلحة فتاكة تستخدم الفن السابع ـ السينما ـ أو الفن الثامن ـ التلفزيون، لتصفية الحسابات تحت مظلة الإبداع والتجريب والتجريد وتقديم مادة للمشاهد، واستهدفت هذه الحرب الرموز الدينية الإسلامية.

بصراحة إن الأمر اختبار غير مسبوق، لقدرة المسلمين عل التفاعل مع نوعية السلاح الجديد، والذي يحاول تدريجيا النيل من رموزه المسلمين الثقافية والحضارية والدينية، وفي حالة أي رد بالتظاهر الصاخب أو حرق علم غربي، يكون الجواب جاهزا بأن المسلمين أمة تكره الإبداع وتفرض الرقابة على الصورة على الشاشة الكبيرة في صالات السينما أو على الشاشة الصغيرة للقنوات التلفزيونية، وهذه القراءة لا تنطلق من فكرة كلاسيكية هي نظرية المؤامرة ولا الدفاع عن ضعف المسلمين في التعاطي مع الصورة سلاحا، لأن السينما الأمريكية قدمت أعمالا أنصفت الإسلام والمسلمين غير ما مرة، ولكنها قراءة للواقع الذي يجتاح كتسونامي العالم العربي ردا على فيلم مسيء للرسول الأكرم.

وفي الجوار العربي، دولة اسمها إيران، لها حسابات تاريخية مع الخليج العربي ومع الإسلام السني، تعمل على تصفيتها بشكل نظيف وبالأيادي الناعمة عبر الأعمال الدرامية التلفزيونية التي وجدت بعضا منها طريقا للمشاهدين العرب، عبر الترجمة للغة العربية، وتلقى بعض منها انتشارا واسعا، كما حدث مع مسلسل مريم العذراء ومع يوسف أو يوزرسيف، فبقدر الرغبة الإيرانية في تقديم أعمال تلقزيونية، بقدر البحث عن وسيلة لإقناع المشاهد السني بالرواية الشيعية للتاريخ من زاوية نظر سياسية إيرانية، والحديث بدأ يرتفع عن تقديم عمل عن الرسول محمد الأكرم في العام المقبل.

وأمام هذا الغضب الأعمى في العالم العربي والإسلامي، ضد فيلم أمريكي من الصف الأخير، إذا ثبت وجوده أصلا على شريط قابل للعرض على الجمهور، تعكس حقيقة وجود قابلية لرد فعل عنيف في الشارع العربي والإسلامي، ضد ما قد يمس المقدسات الإسلامية، خاصة شخصية الرسول الأكرم، إلا أن الأمر يؤدي إلى تأكيد تنميط أن المسلمين هم جماعة من الهمج والمتوحشين لدى الوعي الغربي الجماعي.

فما الجدوى من كل هذا العنف، ولم لا اللجوء لردود أكثر حضارة للتعبير عن الجانب الحضاري في الإسلام المتسامح والمتعايش مع الآخر، ولماذا لا تقوم الرساميل العربية والإسلامية بإنتاج أعمال سينمائية ودرامية باللغات الغربية الحية لتقديم وجهات نظرهم في الأمور التي تخصهم دينيا، كما الراحل العقاد في فيلم الرسالة بممثلين غربيين وباللغة الانجليزية، وفي تقديري فالإسلام كدين، ومحمد بن عبد الله كرسول، في حاجة لمحامين بدون دماء، يتقنون لغة الصورة إبداعا، أكثر من حاجتهم لحناجر تصرخ في الساحات، ولأيادي ترمي الحجارة، وتنزل الأعلام، وتحرق السفارات، وتقتل الدبلوماسيين، فرجاء كفى.

وفي هذا الغرب الذي نهاجمه، أصوات كثيرة تعمل على تقديم صورة جميلة وراقية عن الإسلام، كفيلم مملكة الجنة على سبيل المثال، الذي قدم رواية أكثر قربا من الرواية المتعارف عليها في العالم العربي والإسلامي للبطل التاريخي صلاح الدين الأيوبي، لما فتح بيت المقدس، في مرحلة الحروب الصليبية، وظهر الأيوبي رجل يبحث عن استرداد الكرامة للمسلمين ولكن من دون أن يحول بيت المقدس لمجزرة للدماء المسيحية، هذه قصة ضمن أخريات، فلعل التوقيت الدقيق في زمن التواصل الاجتماعي يفرض خططا جديدة من المسلمين لرد الفعل الذكي وليس العاطفي والانفعالي، فما أحوج الإسلام إلى الراحل العقاد أكثر من أي وقت مضى.