• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الأربعاء 21 أغسطس 2013 على الساعة 15:46

تحليل.. الملك يصارح ابن كيران وينتقد أداء وأسلوب حكومته

تحليل.. الملك يصارح ابن كيران وينتقد أداء وأسلوب حكومته

(الملك محمد السادس: حزبي هو المغرب )نص الخطاب)

 

يونس دافقير

إذا كان الخطاب الملكي في الذكرى الستين لثورة الملك والشعب «قويا» و«قاسيا» في حديثه إلى الشعب عن واقع المنظومة التعليمية، فإنه كان كذلك في تقييمه للأداء الحكومي في واحد من الملفات التي قد تشكل اختبارا لمقدرات الإصلاح لدى حكومة عبد الإله ابن كيران. ولفهم الحدة التي قد يكون الخطاب تحلى بها، ينبغي استحضار ليس فقط ما ورد في الخطاب من أن واقع التعليم أصبح أسوأ مما كان عليه قبل عشرين سنة، بل أيضا عدم إنجاز الحكومة لما طلب منها فيما يتعلق بالحوار الوطني حول المدرسة العمومية والذي سبق أن دعا إليه الملك قبل سنة كاملة في خطاب بالمناسبة نفسها.

ويلاحظ أنه للمرة الثانية في أقل من شهر، يعود الملك للتأكيد على مفهومه لزمن الإصلاح، بالمعنى الذي يفيد أن هذا الزمن مطبوع بالتمدد والاستمرارية، وهو نتاج تراكمات تساهم فيها الحكومات المتعاقبة، وفي هذا التأكيد توجه نحو القطع مع مقاربة أخرى لزمن الإصلاح، تعتقد أن هذا الزمن لم يبدأ إلا مع الحكومة الحالية، ولم ينطلق إلا تحت ضغط ما سمي بالربيع العربي.

في خطاب العرش نهاية الشهر الماضي، قال الملك إن كل الحكومات السابقة، عملت «وبتوجيهاتنا، على تكريس جهودها المشكورة، لبلورة رؤيتنا التنموية والإصلاحية. وهكذا وجدت حكومتنا الحالية، بين يديها، في المجال الاقتصادي والاجتماعي، إرثا سليما وإيجابيا، من العمل البناء، والمنجزات الملموسة. ومن ثم لا يسعنا إلا أن نشجعها على المضي قدما، بنفس الإرادة والعزم، لتحقيق المزيد من التقدم، وفق المسار القويم، الذي نسهر عليه». وهو التأكيد نفسه الذي تعمده خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب حين إشارته بشكل أكثر حدة إلى أنه «يجدر التذكير بأهمية الميثاق الوطني للتربية والتكوين، الذي تم اعتماده في إطار مقاربة وطنية تشاركية واسعة. كما أن الحكومات المتعاقبة عملت على تفعيل مقتضياته، وخاصة الحكومة السابقة، التي سخرت الإمكانات والوسائل الضرورية للبرنامج الاستعجالي، حيث لم تبدأ في تنفيذه إلا في السنوات الثلاث الأخيرة من مدة انتدابها».

 

نقد الحكومة.. نبذ الأسلوب

ويلاحظ المتمعن في نص الخطاب أنه، وربما بسبب حساسية الملف وخطورته، يقدم الملك للمرة الأولى على توجيه انتقادات صريحة للأداء الحكومي الذي يقوده الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإلاه ابن كيران، فالملك تحدث بنقد صريح وقاس للحكومة حين تحدث عن أنه «لم يتم العمل، مع كامل الأسف، على تعزيز المكاسب التي تم تحقيقها في تفعيل المخطط الاستعجالي بل تم التراجع، دون إشراك أو تشاور مع الفاعلين المعنيين، عن مكونات أساسية منه»، ومن النقد ينتقل الخطاب إلى العتاب ليؤكد أنه «كان على الحكومة الحالية استثمار التراكمات الإيجابية في قطاع التربية والتكوين، باعتباره ورشا مصيريا، يمتد لعدة عقود». وفي عودة سريعة إلى النقد المباشر للمقاربة الحكومية، يقول الملك : «إنه من غير المعقول أن تأتي أي حكومة جديدة بمخطط جديد، خلال كل خمس سنوات، متجاهلة البرامج السابقة علما أنها لن تستطيع تنفيذ مخططها بأكمله، نظرا لقصر مدة انتدابها» .

وقد كان لافتا للانتباه، تحاشي الملك في خطاب العرش توجيه انتقادات للحكومة والنخبة الحزبية بالنظر للتوتر غير المسبوق الذي طبع العلاقة بين مكوناتها خصوصا في ظل الصراع بين العدالة والتنمية وحزب الاستقلال، و باقي أحزاب الأغلبية الحكومية فيما بينها، ثم بين الأغلبية والمعارضة، لكن الملك في خطاب أول أمس الثلاثاء اختار أن يعبر عن رأيه فيما جرى ويجري بين مكونات المشهد السياسي، وذلك حين نبذ الخطاب «الجدال العقيم والمقيت، الذي لا فائدة منه، سوى تصفية الحسابات الضيقة، والسب والقذف والمس بالأشخاص، الذي لا يساهم في حل المشاكل، وإنما يزيد في تعقيدها».

ويبين الخطاب في هذه الفقرة نظرة الملك إلى الإصلاح، وكذلك أسلوبه في الاشتغال على الملفات، ويمكن القول إنهما نظرة وأسلوب يخضعان لمحددين اثنين، الأول هو أن ملفات الإصلاح لا يجب أن تخضع «للمزايدات أو الصراعات السياسوية» وهذا المحدد إن كان ينطبق على التعليم فهو يلمح أيضا إلى المزايدات الحاصلة في مشروع إصلاح صندوق المقاصة وصناديق التقاعد، أما المحدد الثاني فهو ارتباط العمل بالنتائج، وأن تكون هذه النتائج مرتبطة بإشباع الانتظارات «لا بد من اعتماد النقاش الواسع والبناء، في جميع القضايا الكبرى للأمة، لتحقيق ما يطلبه المغاربة من نتائج ملموسة»، وأن السياسة يجب أن تكون طريقا لحل المشاكل وليس تعقيدها.

 

التعليم يدخل دائرة الاختصاص الملكي

ومنذ هذه اللحظة، يؤسس خطاب ثورة الملك والشعب لمنهجية جديدة في تدبير الملفات الحساسة، فلقد اجتهد نص الخطاب في التأسيس لاعتبار التعليم واحدا من الملفات الاستراتيجية، أولا بسب أنه «من غير المعقول أن تأتي أي حكومة جديدة بمخطط جديد، خلال كل خمس سنوات، متجاهلة البرامج السابقة علما أنها لن تستطيع تنفيذ مخططها بأكمله، نظرا لقصر مدة انتدابها»، وأيضا اعتبارا لكون أنه «لا ينبغي إقحام القطاع التربوي في الإطار السياسي المحض، ولا أن يخضع تدبيره للمزايدات أو الصراعات السياسوية».

فالملك من هذه الزاوية يوسع من مجال الملفات الاستراتيجية باعتماد آلية الخطاب الملكي التي تغدو في هذا المستوى أداة للتأسيس لقواعد جديدة وخلق أوضاع مؤسساتية مستجدة، وسنلاحظ أنه فضلا عن المقاولات الاستراتيجية التي يعود الحسم فيها للملك حسب القانون التنظيمي للتعيينات في المناصب العليا، هناك ملفات استراتيجية أخرى يمكن أن يشرف عليها الملك شخصيا باعتبار أنه لا ينتمي لأي حزب سياسي ولا يخضع لإكراهات المسلسلات الانتخابية. وقد شرع الملك مبكرا في تنفيذ هذا التوجه مباشرة بعد الانتهاء من الخطاب، حيث تم تعيين المستشار الملكي عمر عزيمان رئيسا منتدبا للمجلس الأعلى للتعليم، في غياب لافت ولا يخلو من دلالة سياسية ودستورية لرئيس الحكومة وكذلك لوزير التربية الوطنية.

والملاحظ في الخطاب أيضا لجوؤه إلى تفعيل الأحكام الانتقالية الدستورية التي تؤسس للاشتغال بمقتضيات دستور 1996 في تدبير بعض المؤسسات الدستورية، وفي ذلك نقد صريح ومباشر للحكومة التي تأخرت حتى الآن في وضع القوانين التنظيمية المنصوص عليها في الدستور ومنها القانون التنظيمي للمجلس الأعلى للتربية والتكوين، وهي رسالة سياسية تفيد أنه كلما تلكأت الحكومة في ممارسة صلاحياتها وتنفيذ التزاماتها، كلما تدخل الملك لملء الفراغات ضمانا لحسن سير مؤسسات الدولة وحماية لملفات الإصلاح من التعفن في دواليب الانتظارية الحكومية.