• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الخميس 01 أغسطس 2013 على الساعة 23:24

العفو عند المقدرة

العفو عند المقدرة لمختار لغزيوي [email protected]
لمختار لغزيوي larhzioui@gmail.com
لمختار لغزيوي [email protected]

يجب علينا أن نصرخ غضبنا ضد البيدوفيليا دائما لا فقط حينما نريد أن نزايد بهذا الغضب سياسيا

أعجبتني الهبة الكبرى التي قامت في الأنترنيت المغربي وفي الجرائد ومختلف المواقع, ولدى كتاب الرأي في البلد, وقد أصبحوا اكثر من الهم على القلب فعلا, بخصوص العفو على الإسباني الذي كان مدانا باغتصاب 11 طفلا مغربيا, وكان يقضي عقوبته في سجن القنيطرة.

الحكاية مثلما وصلت تقول إن الملك خوان كارلوس في زيارته الأخيرة إلى المغرب تحامل على كثير من آلامه وأمراضه التي يعرفها الجميع, والتي رآها الناس رؤى العين من خلال طريقة مشيه, لكي يأتي باحثا عن منافذ لأزمة بلاده الاقتصادية ولاقتراح آفاق تعاون جديدة مع المغرب اعتمادا على الصداقة الشخصية التي تجمعه بملك البلاد, والتي يعد خير تجسيد لها تلك الصورة الإنسانية الشهيرة التي جمعت الملكين في جنازة الراحل الحسن الثاني.

تقول الحكاية أيضا إن الملك خوان كارلوس طلب من العاهل المغربي بشكل إنساني العفو على ثلاثة معتقلين إسبان يمضون عقوباتهم في السجون المغربية. الإسباني الذي قامت عليه القائمة كان ضمنهم, والمبررات التي سيقت تقول إنه يعاني من سرطان متقدم, وإنه يود قضاء ماتبقى له من أيام في بلده قبل الرحيل.

هنا تبدو الاستجابة لمطلب العاهل الإسباني مفتوحة أمام احتمالين إثنين, ودعونا نتحدث بكل صراحة بعيدا عن دغدغة العواطف أو عن التجييش المزايد الراغب في مداعبة الوتر الحساس للناس. الاحتمال الأول أن يبلغ العاهل الإسباني بأن طلبه مستحيل التنفيذ لأن جرم الإسباني هو جرم فوق المتحمل, ولا أحد يمكنه أن يقبل بالمساس بأبنائه بذلك الشكل الفظع الذي ارتكبه هذا الوحش الآدمي, وبالتالي “نو واي”, ولا مجال وانتهت الحكاية بإغضاب الملك الإسباني والسلام.

الاحتمال الثاني يقول بدراسة الطلب أو الرجاء, والاستجابة له وفق الظروف الإنسانية التي جاء فيها, وتحمل بعض الغضب الذي عبر عنه العديدون بخصوص إطلاق سراح وحش آدمي كان ينبغي أن يمضي ماتبقى له من أيام خلف القضبان لكي يتفادى صغار آخرون التعرض لما تعرض له ضحاياه السالفون, وأيضا لكي يكون عبرة لأجانب غيره يأتون إلى المغرب ويعتقدونه بلدا مستباحا من هاته الناحية, ومن الممكن اغتصاب صغاره وصغيراته دون أي إشكال.

نحن تابعنا الحدث ورد الفعل وكل ماوقع ويقع لحد الآن, لكن هاته الحمية التي قامت اليوم لا يجب أن تتوقف عند حدود الإسباني مغتصب الأطفال. علينا أن نواجه بنفس الحدة كل البيدوفيليين الذين يتجولون بحرية في شوارعنا. علينا أن نحتد أيضا كلما وجدنا سيارة تحمل رجلا أشيب وهي تقف أمام أبواب الإعداديات والثانويات من أجل التقاط صغيراتنا وصغارنا نحو دعارة بثمن رخيص هي إلى الاغتصاب أقرب.

يجب علينا أن نصرخ نفس الغضب كلما سمعنا أن صغيرة تبلغ من العمر ستة عشر سنة أو خمسة عشر قد تم سوقها مثل البهيمة إلى منزل رجل غريب يكبرها بداعي حمايتها من الشارع وبداعي تزويجها وتحصينها, رغم أننا نعرف أننا نلقي بطفلة قبل الأوان إلى أتون نار لن تخرج منها سالمة مهما وقع, وكيفما كانت تطورات حياتها فيما بعد.

يجب علينا أن نلتفت للأمراض الجنسية الموجودة بين ظهرانينا والتي نعرف أن مغاربة أبناء مغاربة يرتكبونها, ولا يدخلون مقابلها السجن, ولا يضطرون لطلب العفو أو غيره.

أما حكاية المزايدة على بعضنا البعض في قصة الإسباني فأمر من الصعب تصورة لوجه محاربة البيدوفيليا.

بصراحة ومن الأخير مثلما يقول المصريون, تبدو الغضبة مزايدة سياسية أكثر منها أي شيء آخر, والعديدون ممن يعرفون قصص البيدوفيليا المحلية, ويعرفون الواقع الأليم للصغار والصغيرات في هذا البلد, ويسكتون عنه أو يمثلون دور المستغربين والمتعجبيين كلما تم كشف قضية جديدة, وجدوا في هاته القصة فرصة لتصفية حسابات قديمة, ولتصريف خلاف سياسي, وللنيل من المؤسسة التي أتى منها هذا العفو.

التبين الكامل لحقيقة ماوقع, انتظار سماع كلام رسمي يشرح حيثيات النازلة, وسبب الاستجابة لها, ثم الاقتناع أن محاربة اغتصاب الصغار والغضب لهذا الفعل الإجرامي الخطير يجب أن تكون ديدننا الدائم, وسلوكنا المستمر, وسبب غضبنا المحتد على امتداد السنة, لا فقط حين يبلغ إلى علمنا أن إسبانيا استفاد من هذا العفو في ظروف لا نعلم عنها الشيء الكثير, غير الذي نسمعه ونتلوه هنا وهناك.

في انتظار ذلك أعترف أن الغضب الجماعي مس فينا جميعا وترا حساسا, لعله يكون بداية فعلية لمحاربة حقيقة لمثل هاته الأمراض الاجتماعية الكبرى. المحاربة الفعلية “ماشي محاربة الفيسبوك والتويتر والجمعيات ديال جوج دريال”.