خصصت كلية الأداب والعلوم الإنسانية بنمسيك في الدار البيضاء، لقاءً فكرياً، احتفاءً بالمفكر العربي والمغاربي التونسي عبد المجيد الشرفي، وأيضاً للتنبيه إلى أهمية أعماله النّقدية في إعادة النظر وفي مراجعةِ كثيرٍ من المسلمات التي ينبني عليها الوعي والفكر العربي الحديثُ والمعاصر.
الحداثة والإسلام: رؤية عبد المجيد الشرفي
وتطرقت أهم محاور هذه الندوة، التي نظمَها وأدارها أساتذة شعبة الفلسفة، إلى المُرجعات النقدية التي أنجزها هذا المُفكر في الفكر الإسلامي.
وفي تصريح بالمناسبة، أكد الأستاذ في الشعبة نفسِها نبيل فازيو، أن المراجعات النقدية التي أنجزها المفكر العربي عبد المجيد الشرفي، ترتبط بدراسته للإسلام وحضارته، وفي شق آخر، فيما يتعلق بتصوره للحداثة، وعلاقة المفكرين في الوعي الإسلامي بالفكر الحديث.
وتابع المتحدث، أن ما ترنو إليه هذه الندوة، هو ضخ رؤية الشرفي في شرايين الفكر العربي، وتنبيه الباحثين الطلبة كما الأساتذة إلى ضروة العناية بمشروعه النقدي.
والدكتور الشرفي، على حد قول الأستاذ فازيو، لا يُهاجم الدين، هو ينتقد، يُراجع، ويقترح منهجا نقديا لإعادة ترتيب أوضاع الفكر العربي والإسلامي، وهو أكثر من هذا، ليس عدميًا، لا يعتبرُ أن الإسلام كحضارة أو كحتى كدين، قد حُكِم عليه بالموت التاريخي، بل يريد تحريرهُ من البديهيات، من أجل ما يمكن تسميتهُ بفكّ القيود الدغمائية.
وتمثل الندوات الفكرية، التي تُديرها شعبة الفلسفة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية في الدار البيضاء، منصة حيوية لتبادل الأفكار وتعزيز النقاش الأكاديمي.
من جانبه، أكد الأستاذ فتح الدين مدير مختبر الفلسفة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك في الدار البيضاء، أن الجلسة كانت مُخصصة لتكريم الأستاذ بنجيد الشرفي، وشارك فيها مجموعة من الباحثين من الطلبة والأساتذة.
نقد البديهيات الدينية وإعادة التفكير في النص
وأشار فتح الدين إلى أن مشروع الأستاذ الشرفي شمل مجالات أنثروبولوجية واجتماعية وفلسفية وفكرية وتاريخية، مع التركيز على مسألة النقد.
وأوضح أن النقد يُعد أداة مهمة لفهم التحولات والواقع والمشاريع الفكرية الإسلامية عبر التاريخ، مع ضرورة الخروج من السياقات الدغمائية.
كما أضاف، الأستاذ والباحث، أن التفكير الحداثي كان محور الجلسة، حيث طرحت مقاربات متنوعة، وتم تسليط الضوء على قضايا راهنة تتعلق بالسياسة والمجتمع، وكذلك تطور مسألة التقدم التي أكد الأستاذ الشرفي على أهميتها كرهان أساسي، مما يفتح آفاق التفاؤل للمستقبل.
وأكد الدكتور فتح الدين أهمية الجانب الفكري والثقافي، مشدداً على ضرورة عدم خلق جيل يقرأ دون استيعاب ولا تطويرٍ لملكة النقد والتفكير، وفق مقاربات متعددة، كما أشار إلى أهمية التحلي بالنقدية، حيث قد يواجه البعض صعوبة في فهم المشروع الفكري للأستاذ الشرفي، وينتقدونه دون فهم حقيقي.
وفي الختام، شدد على أن الإعجاب بالمشروع قد يكون مشكلاً، إذ يعني تأييد الفكرة دون مناقشتها، لذا، فإن النقد التحليلي يعد ضرورياً لفهم الأمور من زوايا مختلفة، مع تجنب الأحكام المسبقة، مؤكدا أهمية الإيمان بالتنوع والاختلاف في الآراء، وضرورة الابتعاد عن الأحكام الجاهزة والقطعية.
وتتيح هذه الندوات الفكرية، للباحثين من طلبةٍ استكشاف موضوعات جديدةْ، وتُعزز من قدرتهم على التفكير النقدي والتحليلي، وتُسهم في خلق بيئة فكرية ديناميكية،كما تشكل فرصة للتفاعل المباشر وتعزيز المهارات البحثية وتعميق الفهم بمختلف الاتجاهات الفلسفية.