• تكوينات موسعة وأجرة شهرية تصل إلى 2100 درهم.. تفاصيل امتيازات المجندين المؤهلين
  • حموشي والمنصوري في الواجهة.. المغرب يفرض ريادته الأمنية ويعزز استراتيجيته الاستخباراتية
  • من المدرج إلى قلب العدالة الدستورية.. طلبة ماستر العلوم السياسة والعمل البرلماني بالمحمدية يطرقون أبواب المحكمة الدستورية
  • المعهد الملكي للشرطة/ القنيطرة.. حموشي يشرف على تسليم أوسمة ملكية لـ353 شرطية وشرطيا
  • مبحوث عنه بموجب نشرة حمراء.. اعتقال هولندي بمطار الدار البيضاء متورط في محاولة قتل
عاجل
الأحد 06 أبريل 2025 على الساعة 17:30

من أرسطو إلى فوكو.. المُفكّر عبد العلي معزوز يتتبع تحولات الأخلاق في زمن ما بعد القيم

من أرسطو إلى فوكو.. المُفكّر عبد العلي معزوز يتتبع تحولات الأخلاق في زمن ما بعد القيم

في زمن تتزاحم فيه الأزمات، يعود السؤال الأخلاقي ليتصدر المشهد، كما يُعبر من ذلك الباحث والمفكر المغربي عبد العلي معزوز في كتابه الجديد “فلسفة الأخلاق وأزمة القيم ما بعد الفضيلة”، الصادر عن دار سليكي أخوين.

ويتساءل الكاتب: هل ما يزال للسؤال الأخلاقي معنى بعد انهيار القيم والمعايير التي رافقت الحداثة وانعطافاتها؟

سؤال “اللاّفعل”

يرى الدكتور عبد العلي معزوز أن سؤال “ما العمل؟” لم يعد محددًا أو ذا جدوى كما كان في السابق، بل أصبح سؤال “اللاّفعل” أيضًا مشروعًا وله مبرراته، فما قيمة الأخلاق في زمن تفككت فيه المنظومات الفكرية الكبرى؟ وهل لا تزال للمذاهب الأخلاقية مكانة تُذكر في عصر سادت فيه الفردانية والنزعة النفعية؟

ومن مفارقات هذا العصر، كما يشير الكاتب، أن الحاجة إلى الأخلاق لم تكن يومًا بهذا الإلحاح، سواء في الطب أو الاقتصاد أو السياسة، ومع ذلك، فإن السرديات الكبرى التي كانت تمنح الأخلاق معناها قد تراجعت، ومعها تراجع الأساس الذي كانت تُبنى عليه القيم.

وفي مقابل ذلك، راجت مفاهيم جديدة ذات طابع أخلاقي معاصر مثل “البيوإيتيقا”، و”أخلاقيات الأعمال”، و”تخليق الحياة العامة”، ولكنها محاولات -حسب معزوز– تفتقر إلى عمق فلسفي يُمكّنها من الوقوف في وجه التحديات.

من النماذج الكبرى إلى الاعتناء بالذات

ولا يؤمن د.معزوز أستاذ الفلسفة بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك في الدار البيضاء، بأن الإيديولوجيات أو السرديات الشمولية يمكنها أن تخلق أخلاقًا متينة. بل إن الفردانية المعاصرة ساهمت في تضخيم الأنا وفي تمجيد اللذة، مما زاد من ضعف الحس الأخلاقي الجماعي.


وفي محاولة لإعادة بناء هذا الحس، يستحضر الكاتب أفكار فلاسفة كبار مثل سبينوزا، وكانط، ونيتشه، وهيدغر، دون أن يغفل التأثير المتواصل للفكر اليوناني، وخاصةً “أخلاق نيقوماخوس” لأرسطو، والرواقية، وما حملته من حكم وعبر ما تزال تلهم إلى اليوم.

ويتوقف د.معزوز أيضًا عند تراث الفلاسفة المسلمين، مثل الكندي، والفارابي، وابن مسكويه، كما يستحضر محاولات تأويلهم المعاصرة لدى مفكرين مثل محمد عابد الجابري، ومحمد أركون، ووائل حلاق، مما يعكس ثراء المخزون الفلسفي الإسلامي في معالجة سؤال الأخلاق.

الذات بين فوكو والرواقية

في فصل مهم، يشير معزوز إلى أهمية العودة إلى مفهوم “الاعتناء بالذات”، كما طرحه ميشال فوكو. هذه العودة لا تعني الانغلاق على الذات، بل تعني إدارتها وتنظيم أفعالها بما يجعل الحياة أكثر اتزانًا وجدوى.

ويؤكد أن الفلسفة منذ القدم كانت طريقًا للاهتمام بالنفس، من خلال ما قدّمه سينيكا وبلوطارك وغيرهم من الرواقـيين والأبيقوريين. فقد دعوا إلى ترويض النفس، والتحكم في الانفعالات، وتعلُّم الصبر في مواجهة الشدائد، بل وحتى التصالح مع فكرة الموت.

ويرى السيد عبد العلي معزوز أن ما تبقى من الأخلاق اليوم هو ما يُسمّيه “إيتيقا الذات”، أي ذلك المشروع الذي يربط الإنسان بذاته من خلال التمرين والتأمل والمساءلة المستمرة. إنها دعوة إلى أن نصير أخلاقيين لا لأن نظامًا ما فرض ذلك، بل لأننا نختار أن نعيش حياة تستحق أن تُعاش.