يبدو النقاش حول الحرية والدين والأخلاق في البلاد سائرا، مع مرور الوقت والشهور والسنوات وقصص الجدل، نحو منحى سيء للغاية. منحى عموده الأساس إقصاء للآخر، تسفيه له، سخرية منه، عنف لفظي نحوه، غياب للحوار الرزين، نقص حاد في الإنصات، واستعمال، دون تردد أو اجتهاد، للأحكام الجاهزة، والتهم الجاهزة، إلى درجة أن البعض صار “يخاف” النقاش أصلا، فيتوارى، ليغلق الباب الذي تأتي منه ريح ما يشبه التكفير، أو الذي تأتيه منه ريح ما يشبه “التحقير”، حسب التصنيف الذي يوضع فيه كل شخص.
إن تحدث في الدين، بشكل لم يرق البعض، سارع البعض، أو بعض البعض على الأقل، إلى إشهار تهمة ”الليبرالية” و”العلمانية” و”معاداة الإسلام” والتخندق مع “أهل الميوعة والانحلال” من الذين “لا غيرة لهم على أهلهم ودينهم ودنياهم”.
وإن تحدث في “الحرية”، بشكل لم يرق البعض الآخر، سارع هذا البعض، أو بعض من هذا البعض على الأقل، إلى إشهار ورقة ”التطرف” و”التزمت” و”الرجعية” و”التكفير”.
المخيف في هذا التوجه المجتمعي، الذي لا يقبل الآخر، أو فكر الآخر على الأقل، هو أنه وجد في الأنترنيت فضاء لا رقابة فيه. والخطأ الكبير هو أن نتعامل مع هذا “التطرف الإلكتروني” على أنه مجرد طراطيش كلام، أو مجرد نزوات فكرية. ولا أعتقد أن باحثا كلف نفسه عناء تجميع مظاهر التطرف في الأنترنيت حتى نستوعب أن الأمر جدي فعلا.
شئنا أم أبينا، المجتمع لا يمكن أن يكون برأي واحد. وسواء باللطف أو بالعنف لا يمكن أن نجعل المغاربة، بكل ملايينهم وتلاوينهم، على “ملة” واحدة. وحتى ندبر هذا الاختلاف، نحتاج إلى أصوات الحكمة.
هل من صوت حكيم؟