• التفاعل مع صور وأنشطة جلالة الملك.. إجماع وطني على الشرعية الاجتماعية للملكية المغربية (فيديو)
  • موازين.. محمد رمضان يُبدع في حفل الاختتام (صور)
  • آدم: غادي نقدم أغنية على المغرب… ونبغي ندير ديو مع سميرة سعيد
  • وسط حضور جماهيري كبير.. نيكي ميناج تُلهب منصة السويسي (صور)
  • رامي عياش: أنا ومراتي كنحماقو على المغرب… وكنتمنى ندير أغنية بالدارجة (فيديو)
عاجل
الأربعاء 17 أكتوبر 2012 على الساعة 18:25

لطيفة بوسعدن.. القوية والعنيدة ترحل إلى دار البقاء

لطيفة بوسعدن.. القوية والعنيدة ترحل إلى دار البقاء لطيفة بوسعدن يسارا
لطيفة بوسعدن يسارا

 

كيفاش

شفافة، عنيدة، صلبة، قوية حتى لما توقن أن لحظة الرحيل هي أقرب من حبل الوريد. رحيل لم تخش قط لحظة حلوله هي العابرة فوق هذا الأديم وتحت هذه الشمس.

لم تنخدع يوما بالحياة. عاشت لحظاتها تراهنها باستمرار، وتواجه تحدياتها الواحد تلو الآخر. وترضى بما تأتيها به لأنها تعرف مسبقا أنها لا تمنحها إلا ما تريد هي أن تناله منها. بِنْتُ الرهانات والتحديات. بحثت في الحياة على ما هو صعب المنال، وصعب التحقق، أن تكون كما هي.. وتحتفظ بأصالتها وتفردها خارج التنميط والقولبة، التي عادة ما يخضع لها الآخرون باسم الحياة والانتماء إلى المجموعة.. لا تتجمل كي يقبل بها الآخرون بينهم، لا تجامل كي يرضى عنها الآخرون. خصالها كثيرة، وأبرز خصلة لديها تمردها ورفضها الانصياع للظوابط والإكراهات، التي قد تيقيد حريتها. ما يستكين له الآخرون طوعا ويعتبرونه نظاما حياتيا عاديا تكره هي أن تنصاع له حتى وإن كان مجرد تفصيل بسيط.

لم تنخدع بالحياة، لكنها كانت سهلة الانخداع بمن حولها. وفاؤها لقناعاتها ولمنظورها للحب، للصداقة، للعشرة، للأخوة، للروابط الإنسانية، هذا الوفاء الراسخ والخاص يجعل منها فريسة سهلة الخداع. والنمرة المصارعة ما تلبث تتحول إلى ظبية خائفة تبحث عن الحماية.

عاندت الحياة. والحياة عاندتها. اختارت ركوب تحدي خطير حتى وهي تدرك أنه من الصعب أن تربح رهان معاندة الحياة. الاختبارات الحياتية تتوالى، اللاحق أصعب من السابق، وكان آخرها اختبار المرض. كانت تسقط، وتنهض. تكبو وتعاود ركوب صهوة العيش. وهي أكثر قوة، أكثر تشبثا بالعناد، أكثر عزما على الحفاظ على نفسها كما هي. أكثر رغبة في مواصلة التحدي كطفل يهوى إخراج لسانه تحديا للبالغين..

 

أشد ما كانت تكرهه هو التباكي ودر الاستعطاف. وحتى لما كانت تحتويها غرفة من غرف مصحة الشيخ زايد بالرباط قبل أقل من 3سنوات الآن، لما أصابها سرطان الثدي، وتخضع للعلاج الكيماوي، كانت دائمة الابتسام. تحب الحديث في كل شيء ومناقشة كل المواضيع، إلا وضعها الصحي. ليس هربا من الواقع أو خوفا من مستقبل لم تعد تثق فيه، ولكن لأنها بكل بساطة تكره الشفقة، التي قد تراها في عيون زائريها، وأيضا الخوض في معاناة لا تخصها إلا وحدها.

القلم بين يديها النحيلتين، كان تتحداه. ولا تنصاع له إلا حينما تعن لها نفسها بذلك، فتكتب وحينما تنطلق في الكتابة فإنها لا تكتفي بملأ بياض الورق كما قد يفعل الكثيرون ليقولوا أو يكرروا كلاما مشروخا بل تطرح أفكارا وتثير مواضيع للنقاش.. هذه هي لطيفة بوسعدن، الصحافية، كما أعرفها وكما يعرفها عديدون ممن عاشوا معها تجربة صحافية مميزة تشكلت في وضع اللبنة الأولى في المدرسة الصحافية “الأحداث المغربية”.