اعتبرت “الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة” أن ارتفاع أسعار الأدوية بالمغرب “يهدد توزان نظام التغطية الصحية والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بالعجز المالي”.
وقالت الشبكة، في تقرير لها حول “ارتفاع أسعار الأدوية في المغرب”، إن الحكومة المغربية “أقرت، أخيرا، بارتفاع أسعار الأدوية في المغرب، من 3 الى 5 مرات أو أكثر، مقارنة بالدول الأخرى، لكنها تقف عاجزة أمام لوبي شركات الأدوية التي تحقق أرباحا خيالية على حساب صحة وحياة المرضى”.
وأوضحت الشبكة أن ارتفاع أسعار الأدوية “لا تتقل كاهل الأسر المغربية فحسب، بل تهدد أيضا على المدى القريب والمتوسط توازن نظام التغطية الصحية، وتهدد الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي كهيئة التدبير الموحدة للنظام الأساسي بالعجز المالي، بعد أن كانت السبب الرئيسي في عجز وتراجع احتياطات للصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي “الكنوبس””.
وتوقعت الشبكة أن يهدد ارتفاع أسعار الأدوية، “مستقبلا، المنظومة الصحية بأكملها، إن لم يتدخل صناع القرار السياسي لوضع حد للاحتكار وفرض أسعار باهظة على المواطن المغربي، والنفخ غير المشروع في حسابات الشركات المتعددة الجنسية”.
وأشار التقرير ذاته إلى أن الأدوية تشكل مكونا جوهريا من مكونات تكلفة النظام الصحي في المغرب، إذ مثلت سنتي 2022 و2023 حوالي 40 في المائة من تكلفة النظام الصحي المغربي، وبالمقارنة مع بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية OCDE فهي تبلغ فقط نسبة 18 في المائة.
وأضاف المصدر ذاته أن بين العوامل التي تؤدي إلى ارتفاع مساهمة الأسر المغربية وتحملها لما يقارب 56 في المائة من هذه النفقات الاجمالية للصحة بصفة مباشرة ومن جيوبها، رغم الاستفادة الجماعية من التغطية الصحية الشاملة والتامين الصحي الاجباري، بينما تخصص ميزانية الدولة 26 في المائة من هذه النفقات، وتتحمل التعاضديات والتأمينات الخاصة بقية الأتعاب، وخاصة أن تعويض مصاريف الأدوية تتم على أساس 70 في المائة من سعر الدواء الجنيس ويتحمل المنخرط نسبة هامة حينما يوصف له دواء اصيل.
وأرجعت الشبكة فقدان أدوية كثيرة من السوق الوطنية إلى “الاحتكار وغياب الصرامة في تطبيق القانون على الشركات المستوردة للأدوية المسؤولة عن نفاد المخزون الأمني”.
وأوضح التقرير أن “ضعف القوانين ونفاد المخزون الأمني والاستراتيجي للدواء والمستلزمات الطبية له أثار خطيرة على حياة المرضى، بجانب ارتفاع أسعار الأدوية، وتعاني فئة واسعة من المرضى وأسرهم من فقدان أدوية في المستشفيات والسوق الوطنية، بسبب سواء تدبير مخزون الأدوية من طرف الشركات المستوردة للأدوية، التي لا تحترم القانون المتعلق بتدبير المخزون الأمني، مما يؤدي إلى نفاذ مخزون بعض الأدوية الضرورية لضمان الأمن الدوائي”.
ولفت المصدر ذاته إلى أن سنة 2023 شهدت نقصا يقارب 400 دواء في الصيدليات، نصفها من إنتاج الشركات الاحتكارية، ولم تخرج سنة 2024 عن القاعدة في فقدان عدد كبير من الأدوية كنقص مخزون ادوية أمراض القلب والشرايين وأمراض نفسية وأمراض نادرة.
وكشفت الشبكة أن “قطاع صناعة الأدوية بالمغرب يضم، اليوم، 54 مختبرا، تتحكم في سوق الأدوية 15 مختبر، بنسبة 70 في المائة من حصص السوق، مع وجود احتكارات جد ممركزة واحتكارات ثنائية واحتكارات تحتل وضعية شبه هيمنة”، مذكرا في هذا السياق بتقرير سابق لمجلس المنافسة كان قد أشار إلى أن سوق الأدوية بالمغرب ضعيف الشفافية مع غياب سياسة عمومية حقيقية للدواء الجنيس وشبكة توزيع ملائمة.
وأكدت الشبكة الحقوقية أن “مجال الأدوية في المغرب يعتبر عالما يسود فيه الاحتكار والريع والجشع، وغياب الشفافية في مراقبة أرباح الشركات، ومراقبة جودة المواد الأولية المستوردة التي تستخدم في صناعة الدواء الأصلي أو الجنيس، ومراقبة علمية لجودة المنتوج الدوائي وللمستلزمات الطبية”،
ولفت التقرير ذاته إلى أن “عدد الأدوية المنتجة محليا قد انخفض بشكل ملحوظ لفائدة الأدوية المستوردة في السنوات الأخيرة، بسبب التعقيدات المساطير الإدارية، التي تتطلب 3 سنوات على الأقل، بالنسبة للإنتاج المحلي، ويتم تسهيل الاجراءات بالنسبة لاستيراد أدوية جاهزة وتباع بأسعار باهظة، تحت حماية الشركات الكبرى المتعددة الجنسيات والمستفيدين من صناع القرار السياسي”.