تفضح التسريبات الأخيرة لإدريس فرحان ضلوعه في عمليات ابتزاز بملايين الدراهم، كما تكشف كذلك تواطؤ علي لمرابط في التواصل والتنسيق مع شخص تطوق ذمته العديد من قضايا النصب والاحتيال والاسترزاق من وراء عمليات الابتزاز الرقمي.
ففي التسريبات الصوتية الأخيرة، المتداولة على نطاق واسع في شبكات التواصل الاجتماعي، لم نسمع على لسان إدريس فرحان سوى المساومة على المال! ومقايضة مخاطبيه على التحويلات المالية مقابل ما يدعي أنه يحوزه من تسجيلات حول قضايا المخدرات!.
ولم نسمع كذلك بصوت إدريس فرحان، القابع حاليا بسجن بريتشيا بإيطاليا، سوى اعترافاته الصريحة بالتواصل الاعتيادي مع علي لمرابط، والتنسيق المتواتر معه، بطريقة سرية كان يطالب مخاطبيه بإحاطتها بأعلى مستويات الكتمان بقوله “خليها غير بيني وبينك”، مما يوحي بإلتقائية مخططات النصاب والخائن في السر لمواجهة قضايا الوطن.
ومن حسنات هذه التسريبات أنها فضحت وعرت حقيقة إدريس فرحان، كصائد قضايا بغرض الابتزاز. فقد كشف تسجيل صوتي كيف دخل هذا الأخير في مناقصة ابتزازية مع مخاطبه عندما قال له “هناك من أعطاني أكثر”، في إشارة إلى ضرورة الرفع من قيمة مبلغ الابتزاز بدعوى أن هناك جهة أخرى عرضت عليه مبلغا أكبر!
بل إن إدريس فرحان ذهب بعيدا في الابتزاز عندما أصبح يناقش مبلغ مليوني درهم (200 مليون سنتيم)، وعرض على مخاطبه مناقشة العرض مع أحد وسطائه، وهو ما يفضح أن الرجل كان يشتغل في إطار عصابة إجرامية، ويجعلنا نستذكر كذلك كيف كان يتقاضى مبالغ شهرية منتظمة من عبد الله بوصوف عبر وسطاء وسماسرة في عدة مدن مغربية.
والمثير كذلك أن تسريبات إدريس فرحان لم تفصح ضلوعه في التشهير والابتزاز فقط، بل كشفت عن قصده الجنائي في التستر عن قضايا المخدرات مقابل المال! فالمفروض في من يدعي مكافحة الفساد أن يبلغ عن التسجيلات التي يدعي أنه يتوفر عليها بخصوص قضايا المخدرات، لا أن يعرضها للمزايدات المالية في مكالمات الابتزاز.
فإدريس فرحان لم يثبت أنه بلغ السلطات المغربية أو الإيطالية أو حتى الأنتربول عن أي محتوى إجرامي ادعى أنه يملكه، لكن المؤكد أنه استغل تلك التسجيلات المزعومة للتشهير بالمغنية لطيفة رأفت وابتزازها، مثلما مارس نفس اللعبة مع أشخاص آخرين منهم من انفضحت قضيته ومنهم من لا تزال طي الكتمان.
وهذا لوحده كاف ليكشف لنا حقيقة إدريس فرحان. فالرجل هو مجرد مبتز عندما يمارس التشهير بنية الضغط الإعلامي للحصول على أموال الابتزاز، لكنه سرعان ما يتحول إلى شريك في قضايا المخدرات وتبييض الأموال عندما ينقل مجال الابتزاز إلى نطاق المحتويات الإجرامية التي يدعي أنه يملكها بشأن قضايا المخدرات.
ومن الحسنات العرضية غير المباشرة لهذه التسريبات الفاضحة التي تضج بها الشبكات التواصلية مؤخرا، هي أن عرت حقيقة تواطؤ علي لمرابط مع إدريس فرحان، رغم علمه المسبق بأن هذا الأخير هو من ذوي السوابق القضائية في قضايا الابتزاز والنصب والاحتيال أمام العدالة الإيطالية.
أليس علي لمرابط هو من كان يزعم دائما بأنه صحافي استقصائي وأنه لا يصدق رواية أي شخص قبل التحري بشأنها وإخضاعها للفحص الاستقصائي؟ فلماذا وضع يده في يد إدريس فرحان وهو يعلم مسبقا بأن الرجل مدان طرف القضاء الإيطالي في قضايا إجرامية تخل بالشرف والمروءة والأخلاق الحميدة؟
ولماذا يصر علي لمرابط على إنكار علاقته بإدريس فرحان، ويصر هذا الأخير على إحاطتها بالسرية وإلزام مخاطبيه بالتكتم عليها؟ لولا أن فضحتها التسريبات الصوتية الأخيرة لإدريس فرحان. فسرية هذه العلاقة تحجب مخططات علي لمرابط وإدريس فرحان، لكنها تفضح في المقابل تواطؤهما في عمليات ابتزازية عابرة للحدود، منها ما يطال ذمة الأشخاص ومنها ما يطال مصالح الوطن.
ولئن كان من الثابت أن ابتزاز إدريس فرحان يستهدف ذمة الأشخاص والوطن على حد سواء، بدليل تسجيلاته الصوتية الأخيرة، فإن ابتزاز علي لمرابط للوطن يبقى ثابت بحجة أنه لا ينفك يبحث عن كل قضية تسيء للوطن ليركب عليها، ويتلقفها بكثير من الحبور، وكأنه يتشفى في كل ما هو مغربي، وذلك خدمة لأجندات مشبوهة لا زلنا ننتظر تسريبات قادمة لتفضحها مثلما فضحت إدريس فرحان تسريباته الأخيرة.
أحمد الحاضي