• وصفه ب”العزيز” على قلبه.. سعد لمجرد ينفي مشاركته في مهرجان موازين
  • وصفته بـ”الأساس المتين”.. كرواتيا تؤكد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي لحل النزاع حول الصحراء المغربية
  • الركراكي: مستقبلي مع المنتخب الوطني مرتبط بكأس إفريقيا!
  • جابو الربحة.. توقيف شابين أخذا صورا لهما بأسلحة بيضاء أمام مقر للشرطة بالدار البيضاء
  • مراكش.. القرطاس لتوقيف سجين حاول الفرار من المستشفى
عاجل
السبت 12 أبريل 2025 على الساعة 15:07

بلغة الضاد.. الباحث الألماني فلوريان زيمين ومفكرون مغاربة يتناولون موضوع “الفلسفة والدين”

بلغة الضاد.. الباحث الألماني فلوريان زيمين ومفكرون مغاربة يتناولون موضوع “الفلسفة والدين”

بحضور باحثين ومُفكرين مرموقين مهتمين بقضايا الفكر الفلسفي والديني، ومن مشارب مختلفة، استضافت كلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك الدار البيضاء، يوم الخميس (10 أبريل) 2025، بتنسيق مختبر الفلسفة- اللُّوغوس، الباحث والمفكر الألماني فلوريان زيمين، في إطار ندوة فكرية حملت عنوان “الفلسفة والدين في أزمتنا الحديثة والمعاصرة”.
ومن المحطات اللافتة في هذه الندوة الفكرية، الحضور الأكاديمي المرموق للباحث الألماني فلوريان زيمين، الذي لم يكتفِ بتقديم عرضٍ فكري غنيّ، بل فاجأ الحضورَ بإلقاءِ مُداخلتِه بلغة عربية فصيحة، تنمُّ عن دُربةٍ فلسفية، جعلته يحاور المفاهيم من داخل سياقاتها الدقيقة.

عقلانية ودعوة إلى حوار الآخر

وقد أبان زيمين، في تناوله لموضوع الدين، عن قراءة عقلانية مُتزنة، تؤكد على أهمية الإصغاء بتواضع للآخر، وتُحاور اختلافه من منطلق معرفي ينبني على الاحترام المتبادل.
وميز المفكر في مداخلته بين العِلمانية باعتبارها تدبيرًا عقلانيًا للشأن العام، والعلمانوية التي تتحول إلى نمط دوغمائي، داعيًا إلى قراءة موضوعية تميز بين الدين كنسق رمزي روحي والتدين كممارسة بشرية تاريخية قابلة للنقد والفهم.

وأجمع المشاركون في هذه الندوة التي حضرتها عميدة الكلية د.ليلى مزيان على أن هذه الفعالية الفكرية تعكس الجهود المستمرة لكلية الآداب والمختبر الأكاديمي، في تقديم مساحة حوارية تُعزز من التفاعل بين الأفكار الفلسفية المختلفة، وتفتح أفقًا للطلبة والمفكرين للنقاش حول المسائل الحيوية التي تشغل الفكر المعاصر.

من كانط إلى فيتجنشتاين

وافتتح د. عبد اللطيف فتح الدين الجلسات بمداخلة تحت عنوان “الديني وتحولاته المعرفية عند كانط”، حيث استعرض في حديثه تأثير الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط على فهم العلاقة بين الدين والعقل.
وأشار الدكتور فتح الدين إلى كيفية تقديم كانط لثورة معرفية في طريقة تعامل الإنسان مع الدين، حيث فصل بين العلم والدين وجعل من الدين مجالًا للقيم الأخلاقية التي لا تحتاج إلى إثبات عقلاني.
والفيلسوف كانط، حسب فتح الدين، جعل من “صوت الواجب” مصدرًا للإيمان، وهذا “الواجب” يعتبر بمثابة إعلان عن الإرادة الإلهية، ويظل جزءًا من الحياة الروحية الداخلية للإنسان.


وجدد الدكتور فتح الدين التأكيد مرة أخرى على أن الفلسفة في دراستها لمختلف القضايا الراهنية ليست مجرد مبحث أكاديمي بعيد عن الحياة اليومية، بل هي دعوة للتفكير في القيم والمفاهيم التي تحدد معالم وجودنا في هذا العالم، مما يجعل من مثل هذه الفعاليات نقاطًا مضيئة في المسار الأكاديمي والفكري.

وفي السياق نفسه تناولت د. ابتسام براج في مداخلتها “فلسفة الدين عند هيغل”، أي كيف أن هيغل أسس لفهم الدين في إطار تطور الوعي الإنساني. عرّجت على فلسفة هيغل في تأصيل الدين كجزء من مسار الوعي المطلق، حيث يُنظر إلى الدين باعتباره تعبيرًا عن لحظات تطور الوعي الذاتي.

كما حاولت براج توضيح كيف أن هيغل يرى الدين في سياق تطور الإنسان من الوعي الذاتي إلى الوعي العالمي.

وتحدثت الدكتورة ابتسام عن رؤية فلسفية معمقة تتعلق بالتفاعل بين فلسفة الدين والمنهج الفينومينولوجي، كما استعرضت كيف أن هذا المنهج يساعد في فهم الكينونة الدينية بعيدًا عن المنهج العلمي التجريبي، معتبرة أن فلسفة الدين ليست مجرد محاولة لفهم المعطيات التاريخية أو النفسية بل سعيًا لفهم ماهية الدين في سياقها الروحي والمعياري.

ومن جانبه تناول د. إبراهيم ونزار في مداخلته “نقد مشكلة الشر في فلسفة الاعتقاد المعاصرة” إشكالية “الشر” وكيفية التعامل معها في الفلسفة الدينية المعاصرة. وعبر عن كيف يمكن للعقل أن يتعامل مع هذه المعضلة في سياق مفاهيم مثل حرية الإرادة، حيث طرح تساؤلات عميقة حول العلاقة بين الشر والخير في إطار الإرادة الإلهية.

عودة التفكير في الدين

وفي مداخلته “الفلسفة المعاصرة وعودة التفكير في الدين”، سلط د. محمد الشيخ الضوء على ظاهرة العودة إلى التفكير في الدين في الفلسفة المعاصرة، التي بدأت تكتسب أهمية بعد فترة طويلة من تجاهلها في ظل الهيمنة العلمية.
وأكد د. الشيخ على أن هذه العودة ليست مجرد رد فعل ثقافي بل هي جزء من سياق تاريخي وفكري يرتبط بتحديات العولمة والهويات الثقافية المتعددة، التي دفعت الفلاسفة المعاصرين مثل هابرماس وراولز ودريدا للتأمل في دور الدين في المجتمع المعاصر.

وأضاف د. سعيد بنتاجر أبعادًا جديدة في مداخلته “هل كان فيتجنشتاين ذا نزعة إيمانية؟”، حيث حاول استكشاف العلاقة بين فلسفة فيتجنشتاين والاعتقاد الديني، مُتسائلًا حول نزعة فيتجنشتاين الإيمانية.
ووفقًا لدكتور بنتاجر، فإن فيتجنشتاين لا يعتبر الدين مجرّد فكرة عقلانية أو تجريبية، بل هو أمر يرتبط بالإيمان الشخصي الذي لا يمكن اختزاله إلى منطق أو علم.

تحديات الدين في عصر القلق

أما د. خالد لحميدي فقد تناول في مداخلته “التجربة الدينية في حدود النسق أو الحوار المستحيل بين اليهودية والمسيحية في فكر فرانز روزنتسفايغ” القضايا المتعلقة بالتعددية الدينية والتحديات التي تطرحها في الفكر المعاصر. أشار لحميدي إلى محاولات روزنتسفايغ في تجاوز الفجوة بين الأديان والبحث في جدوى الحوار بين اليهودية والمسيحية، في وقت كانت فيه الفلسفة الدينية تهيمن عليها التفسيرات التقليدية.

وفي هذا السياق، أشار الدكتور عبد العالي معزوز، الباحث والمفكر صاحب كتاب “فلسفة الأخلاقة وأزمة القيم ما بعد الفضيلة” ، في تنظيمه للندوة إلى أن “السؤال اليوم عن الجمال لم يعد منفصلاً عن سؤال المعنى، ولا عن التوتر القائم بين الفلسفي والديني.
فالجمال بحسبه وفي عمقه، يعكس نزوعًا أنطولوجيًا نحو المطلق، وهو ما يجعل من الفلسفة والجمال والدين مثلثًا يتقاطع في جوهره مع قلق الإنسان الحديث، الباحث عن المعنى في زمن التصدعات الكبرى”.
وبهذا التصور، يربط الدكتور معزوز بين الجمالي والروحي بوصفهما لحظتين متكاملتين في أفق يتجاوز الصراعات التقليدية، وينفتح على إمكانات جديدة للفكر والتأويل.

وعرجت الندوة من خلال مداخلة د. محمد زكاري بعنوان “الإيمان، الرمز، وطبيعة اللغة الدينية عند بول تيليش”، إلى تناول إشكالية الإيمان في عصر القلق الذي يعيشه الإنسان المعاصر. حاول د. زكاري استكشاف كيف أن تيليش يميز بين الرمز والعلامة في التعبير عن الدين، معتبرًا أن اللغة الدينية لا يمكن اختصارها إلى مجرد علامات بل هي رموز تتجاوز الذات الفردية.