اعتبرت الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي أن نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى، الجاري أطواره خلال شتنبر 2024، “لا يمكن استثمار نتائجه المتعلقة بالتنوع اللغوي والثقافي في المغرب من أجل إعداد سياسات عمومية لغوية وثقافية، لاسيما في مجالي التعليم والإعلام”.
وأوضحت الجمعية، في بلاغ لها، بأن استمارات الإحصاء “لم تستند على المفاهيم القانونية الواردة في دستور المملكة الجاري به العمل، وكذا القوانين التنظيمية ذات الصلة المنشورة في الجريدة الرسمية”.
وطالبت “لامريك” بعدم نشر المعطيات ذات الصلة بالتنوع اللغوي المغربي وحجبها، “لعدم استناد طريقة تجميعها على أساس دستوري وقانوني، ما يفتح المجال أمام الطعن فيها بجميع الطرق القانونية المتاحة”.
وقالت الجمعية إن عملية الإحصاء التي تقوم بها المندوبية السامية للتخطيط، والتي “من المفترض فيها أن تكون عملية وطنية ينتج عنها معطيات تستثمر في إعداد السياسات العمومية، إلا أن المسؤولين على هذه العملية يصرون على السير ضد التاريخ والواقع والدستور وضد التوجهات السامية لعاهل البلاد، خاصة وأنه ومنذ توليه العرش وهو حريص على أن تتمتع الأمازيغية بالمغرب بجميع حقوقها باعتبارها مكون أساسي للهوية المغربية، والتي توجت بترسيم ودسترة الأمازيغية سنة 2011”.
وأكدت الجمعية على أن ممارسات المندوبية السامية للتخطيط تعبر عن “إقصاء ممنهج للأمازيغية من خلال عملية الإحصاء لسنة 2024، وهو الأمر الذي ظهر جليا خلال التحضير لهذه الأخيرة حيث لم يتم استحضار اللغة الأمازيغية كلغة رسمية، كما لم يتم إشراك المجتمع المدني والفعاليات والباحثين المتخصصين في الأمازيغية في عملية التحضير، حتى يتم استثمار خبراتهم في مجال التعدد اللغوي والتنوع الثقافي بالمغرب لوضع استمارة أسئلة تنسجم مع الواقع اللساني والثقافي المغربي وفق الإطار الدستوري الجاري به العمل”.
وسجل المصدر ذاته “عدم إشراك المؤسسات الوطنية، خاصة التي تعنى بتدبير التعدد اللغوي والثقافي بالمغرب، في أي نقاش علمي عمومي من أجل وضع منهجية متعددة الأبعاد، تسمو بعملية الإحصاء من مجرد تجميع مضامين استمارات ونشر أرقام جافة إلى فرصة لإنتاج بنك معطيات يساهم في خلق سياسة عمومية لغوية وثقافية تساهم في بناء مغرب ديمقراطي”.
وقالت الجمعية إنه “تبين من خلال المعطيات التي تم تجميعها، من ملاحظة سير العملية خلال الثلث الأول من المدة المخصصة لها، أن طبيعة المعطيات التي يتم تجميعها سواء من خلال الاستمارة القصيرة أو الطويلة، لا يمكن أن تساهم في إعداد سياسة عمومية لغوية وثقافية تراعي المقتضيات الدستورية، خاصة ذات الصلة بالأمازيغية كلغة وثقافة وهوية، بوصفها رصيدا لجميع المغاربة”.
وأكدت الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي على “فشل المندوبية السامية للتخطيط في السمو عن الحسابات الضيقة والرقي إلى تنزيل أحكام الدستور خلال تدبير عملية الإحصاء في جانبه المتعلق بالتعدد اللغوي والثقافي للمغرب”.
وانتقدت “إقصاء المندوبية السامية للتخطيط الأمازيغية كرصيد مشترك لجميع المغاربة خلال الإعداد لعملية الإحصاء، وذلك من خلال تهميش اللغة الأمازيغية في الحملة التواصلية؛ وضع استمارة الإحصاء بطريقة تعطي نتائج تخالف التاريخ والواقع اللغوي للمستجوبين؛ تعمد تغييب سؤال ما هي اللغة التي يتحدث بها المستجوب؛ تعمد طرح الأسئلة بالدارجة ليكون الجواب البديهي بالدارجة رغم أن صاحب الجواب يتحدث الأمازيغية؛ وهو تحايل عن سبق إصرار للوصول إلى نتائج معلومة مسبقا وذلك على غرار إحصاء سنة 2014”.
وسجلت الجمعية فشل المندوبية السامية في تفسير أحكام الدستور حول التعدد اللغوي بالمغرب، من خلال الخلط بين اللغة العربية والدارجة المغربية، وهما شيئان مختلفان.
وأشار البلاغ ذاته إلى “إصرار مندوبية التخطيط على التمادي في الأخطاء السابقة خلال كل عملية إحصاء وذلك بتصنيف المغاربة من خلال التعبيرات التي يتحدث بها هؤلاء، وهو في عمقه تصنيف إثني أكثر مما هو ديموغرافي”.
كما انتقدت الجمعية “إصرار المندوبية على مخالفة التاريخ والواقع بإظهار نتائج تقزم عدد المتحدثين بالأمازيغية بالمغرب، من خلال إحصاء المواطنين المتواجدين بالمدن الكبرى كمتحدثين بالعربية”.
واتهم الجمعية، المندوبية، بـ”الإصرار على الكيل بمكيالين عندما تتحدث عن اللغة التي يتحدث بها المغاربة، فعندما يتعلق الأمر باللغة الأمازيغية فهي تتحدث عن أمازيغية الريف، وأمازيغية الأطلس، وأمازيغية سوس…، في حين عندما يتعلق الأمر بالدارجة فهي لا تناقش اختلاف التعبيرات الدارجة بمختلف مناطق المغرب (دارجةالشمال، دارجة الشرق، دارجة الغرب، دارجة الوسط، دارجة الجنوب)”.