دعا الحبيب المالكي، رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، إلى “عدم التسرع وإصدار الأحكام الجاهزة” بشأن إصلاح منظومة الوطنية للتربية والتعليم.
وقال المالكي، في كلمته خلال المحاضرة الافتتاحية التي نظمها المجلس، اليوم الجمعة (10 ماي)، بمناسبة مشاركته في المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، “علينا اليوم، ونحن في زمن التفعيل وأسئلة التطبيق، عدم التسرع في إصدار الأحكام الجاهزة، حول إصلاح لا نلمس آثاره الفعلية إلا على المدى المتوسط والبعيد”.
ولكن في نفس الوقت، يضيف المالكي، “علينا تحمل المسؤولية المشتركة في الالتزام بما يتعين القيام به من اقتراحات بناءة، وتقييم موضوعي، ومواكبة يقظة للسياسة العمومية التربوية، والحرص على حكامة ناجعة من أجل ربح الرهانات التي تضعها بلادنا على هذا الإصلاح المصيري”.
وأوضح المتحدث أن إصدار الرؤية الاستراتيجية للإصلاح 2015- 2030، والقانون الإطار “يشكلان أساسا ومنطلقا للدفع بإصلاح المدرسة المغربية، خصوصا فيما يتعلق بالارتقاء بجودة التعليم في جميع المستويات وتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص في هذا المجال، وإتقان اللغات الأجنبية، وتشجيع البحث العلمي، وإصلاح نظام التكوين الأساس، وتعبئة الموارد اللازمة وضمان جودة تدبيرها، بما يساهم في تأهيل الرأسمال البشري الوطني وتسهيل اندماج الأجيال الحاضرة والقادمة، في دينامية التنمية التي تعرفها بلادنا”.
هذا الأمر، حسب المتحدث، “يقتضي التمسك بالمكاسب، واعتماد منهجية تنتصر لقيم الحوار والتكامل والتنسيق، مع مجموع المكونات والمؤسسات ذات الصلة، في مجموع القضايا الوطنية المرتبطة بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي ، عملا بالتوجيهات الملكية.
واعتبر رئيس المجلس أن “زحمة العمل اليومي الضاغط، لصالح الشؤون الجارية والحلول السريعة، ومحدودية الآليات المستعملة في تحصين مشاريع الإصلاح من كل أشكال المقاومة والانتقائية والتعثر، وكذا تضخم بنية الفاعلين التربويين وصعوبة تدبير مسارهم الوظيفي والتكويني والمهني، غالبا ما يساهم في بطء وتيرة تنفيذ الإصلاح وإرجاء معالجة ملفات وإشكالات ذات طابع استعجالي، وتعثر إكمال مسار بعض الإصلاحات التي تم إطلاقها”.
وأشار إلى أنه على الرغم من المجهود التشريعي والتنظيمي المتمثل بإعادة النظر في الجوانب المهيكلة للإصلاح وإقرار حكامة ترابية، والإرساء التدريجي للسبل الكفيلة بتطبيق الرؤية الإستراتيجية للإصلاح،والشروع في تحديد الأولويات وبرامج العمل والمشاريع والتدابير التطبيقية، فإن نظامنا التعليمي لازال لم يؤهل بالشكل المطلوب القدرات التدبيرية والتربوية للفاعلين في جميع مستويات القرار والتنفيذ . ولم يستكمل بعد تطبيق اللامركزية واللاتمركز، من خلال توسيع ونقل الاختصاصات والصلاحيات في مختلف مستويات المسؤولية، وأن استكمال سيرورة نظام للجودة، لم يتجاوز بعد حدود التجريب.
وسجل المالكي أنه “رغم التقدم الحاصل في ميادين التكوين المهني، وعلى مستوى تعميم التعليم، والرفع من فرص النجاح المدرسي، وتحفيز القدرات الذاتية والتنظيمية للفاعلين التربويين، وتعزيز البنيات التحتية، والتجهيزات، والمعدات التربوية، والرقمية. فإن الأثر المنشود في تطوير المردودية الداخلية وتحسين جودة التعليم ونسبة التأطير وتطوير البحث العلمي، والرفع من قابلية الشغل لدى الخريجيين وتعزيز قدراتهم لمواكبة المتطلبات المتسارعة للقطاعات السوسيو –اقتصادية، لازال بعيدا عن ما نطمح إليه جميعا”.
وفي هذا السياق، دعا رئيس المجلس إلى إعطاء نفس جديد وقوي لدعم تنفيذ الإصلاحات وفق الآجال المحددة، وتحقيق الأهداف الإستراتيجية للإصلاح،وبالخصوص، الاستناد إلى حكامة جيدة ووضع نظام وطني متكامل للمعلومات، من أجل إدماج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تدبير وتقييم مختلف مكونات المنظومة.
كما دعا المالكي إلى لتأسيس لتعاقد جديد بين المنظومة والمجتمع حول مدرسة المستقبل، في أفق ما بعد الرؤية الإستراتيجية 2015 –2030، استنادا على حكامة تقوم على روح التحديث والتجديد والابتكار، وبما يلزم من الجدية والمسؤولية الوطنية.