اعتبر الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب أن مشروع القانون رقم 54.23 المتعلق بتغيير وتتميم القانون رقم 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية، والذي يهدف إلى توحيد تدبير التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، من خلال دمج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS)، “يتضمن مقتضيات تشكل تهديدا واضحا لمكتسبات فئات واسعة من الموظفين والمستخدمين، ومساسا بمبدأ العدالة في التغطية الصحية”.
وأوضح المستشار البرلماني خالد السطي، عن الاتحاد، خلال الجلسة التشريعية العامة المخصصة للدراسة والتصويت على هذا المشروع، والتي عقدت اليوم الثلاثاء (8 يوليوز) بمجلس المستشارين، أن مشروع هذا القانون يمكن أن يحدث تراجع لسلة الخدمات الصحية المقدمة لموظفي القطاع العام.
ونبه السطي إلى أن منهجية التي اعتمدتها الحكومة في إعداد هذا المشروع “تطرح أكثر من سؤال”، قائلا: “لم نشهد حواراً حقيقياً مع الشركاء الاجتماعيين ولا مع الفاعلين المهنيين ولا مع الفئات المعنية. وهو ما يُضعف مشروعية هذا الإصلاح الكبير ويفتح المجال أمام الاحتقان والرفض، مع العلم أن إصلاحاً بهذا الحجم يجب أن ينبني على الحوار، والتوافق، والثقة”.
وأشار المستشار البرلماني إلى أن مشروع القانون المذكور يعاني تشتيت النصوص والإجراءات عبر كثرة الإحالات على مراسيم ونصوص تنظيمية غير موجودة بعد، مما يُبقي المشروع في حالة غموض قانوني ويصعب تطبيقه العملي، وإقصاء بعض الفئات بشكل غير مبرر. فـالمادة 5 تستثني من حق التغطية الصحية طلبة التعليم العتيق ومعاهد القرويين، مع أنهم جزء من الجسم الطلابي ومن حقهم الاستفادة من التأمين الصحي كغيرهم.
وسجل المتحدث أنه “في المادة 90، يتم إلغاء دور الجمعيات التعاضدية بشكل نهائي دون تقديم بدائل واضحة لتجربة راكمت لعقود مكتسبات في تدبير هذا القطاع، وهو ما يضرب مبدأ التعدد والتنافسية في تحسين الخدمات، بينما المادة 114 تكرس ازدواجية غير مفهومة؛ إعفاء المستفيدين من عقود جماعية مع شركات التأمين من الانتقال الإجباري، مقابل فرض الانتقال الإجباري على مستفيدي التعاضديات. وهنا نتساءل: هل نحن أمام خضوع للوبيات التأمين الخاص على حساب أهداف التوحيد والعدالة؟
ثالثاً: غياب الحماية القانونية الكافية للمكتسبات الاجتماعية”.
وقال السطي إن هذا المشروع قد يؤدي عملياً إلى تراجع نسب التغطية، كما يخشى الموظفون أن يفقدوا امتيازات كانوا يتمتعون بها داخل CNOPS، سواء فيما يتعلق بنسبة التعويض أو سرعة الخدمات، وهذا يُخالف مبدأ عدم رجعية القوانين وضمان الحقوق المكتسبة.
وأبرز المستشار البرلماني أن مشروع القانون تضمن ثغرات في الحوكمة والتدبير، تجلت بالأساس في المادة 121 لم تفصل في اختصاصات مجلس إدارة CNSS، وهو أمر خطير حين نتحدث عن هيئة ستدبر ملفاً يهم ملايين المغاربة، والمادة 74 التي تمنح إمكانية تفويض بعض المهام لأي شخص اعتباري، عمومي أو خصوصي، وهو ما يتعارض مع مبدأ التدبير الموحد ويهدد بتحويل التأمين الصحي إلى قطاع مُفوض يُخضع صحة المواطنين لمنطق الربح والكلفة.
وأوصى الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب على فتح حوار وطني شامل بمشاركة النقابات، التعاضديات، ممثلي المهنيين، والخبراء، وتعديل المواد 5 و90 و114 و121 و74 و17 و16 بما يضمن وضوح الصياغة، عدالة التدبير، وحماية المكتسبات، وإعداد استراتيجية تمويل مستدامة تضمن صلابة النظام وتحول دون تراجع جودة الخدمات.
كما دعت النقابة ذاتها إلى تحسين قدرات CNSS الإدارية والتقنية مع إحداث لجنة مستقلة لمراقبة تنفيذ الإصلاح، واحترام مبدأ التدرج والتجريب قبل التعميم، حفاظاً على استمرارية الخدمات وسلامة الحقوق.
وشدد السطي على أنه “لا ينبغي أن يكون الرهان على توحيد هيئة التدبير فقط، بل على ضمان أن هذا التوحيد سيكون في صالح المواطنين بصفة عامة، والشغيلة بصفة خاصة، وليس على حساب جيوبه وحقوقه”، مؤكدا أن الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب بمجلس المستشارين سيصوت عليه بالرفض.
وصادق مجلس المستشارين، خلال هذه الجلسة التشريعية العمومية، على مشروع القانون رقم 54.23 المتعلق بتغيير وتتميم القانون رقم 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية، والذي يهدف إلى توحيد تدبير التأمين الإجباري الأساسي عن المرض، من خلال دمج الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS).
وحظي المشروع بموافقة 39 مستشارا برلمانيا، مقابل معارضة 7 مستشارين.