• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الخميس 20 يوليو 2017 على الساعة 09:00

الريف.. فوضى وجرأة وشماتة!

الريف.. فوضى وجرأة وشماتة! رضوان الرمضاني facebook.com/ridouane.erramdani
رضوان الرمضاني facebook.com/ridouane.erramdani

 

رب ضارة نافعة. حان موعد الاستيقاظ.
أزمة الحسيمة، مع تداعياتها والنقاشات المرافقة لها، ليست كلها سوءا في سوء.
صحيح أن ما يحدث خلق احتقانا، غير مسبوق ربما، وخلق توترا واضطرابا كبيرين، في نفسية المجتمع والدولة، أو هكذا يبدو لمن يراقب الأوضاع عن بعد، إلا أنه، في المقابل، مثل صدمة أو رجة “وراتنا وجهنا فالمراية”.
كنا في حاجة إلى ذلك. المسكنات لا تعالج الداء مهما كان خفيفا. ربما استوعبنا الآن فقط هذا الأمر. اعترفنا بذلك أم لم نعترف. هذه هي الحقيقة.
هذا في حد ذاته أمر إيجابي، سيوفر علينا مجهود التشخيص المستمر. ويعفينا من هدر الوقت في إخفاء عيوبنا بالجير.
الآن ما عاد لنا من مجال للهروب، لا إلى الأمام ولا إلى الخلف.
الحقيقة صارت واضحة. صادمة.
ربما هي المرة الأولى التي يتحقق فيها هذا “الإجماع” على أن وضع البلاد مقلق للغاية.
من “فوق” أو من “تحت” هناك “اتفاق” على أن الأوضاع ليست على ما يرام، مع اختلاف بين الأطراف، كل حسب موقعه وحساباته ودرجة حسن نيته، في تقدير درجة الخطر، وفي تحديد أسبابه، وفي تصور المخارج والحلول.
هي صدمة، والعلاج بالصدمة ممكن. قد يكون فعالا. أما “تصدير” الأزمة، أو قراءتها بشكل مجحف، فلن يجدي في شيء. قد يؤجل انعكاساتها لكنه لن يقطع “العرق”. قد يعود الألم في أي لحظة. وقد يتطور الالتهاب الخفيف إلى ما هو أسوأ.
ليس الخطر مجرد خروج متواتر إلى الشارع، ولا مجرد احتجاج، في البر وفي البحر، ولا مجرد تدخل أمني، عنيف أو متناسب، ولا هو مجرد اعتقالات ومحاكمات…
هذا كله، إن كان أصل المشكل ومنتهى عمقه، سهل الحل، لكن الأمر أكبر من ذلك.
الخطر هو هذا التشنج القائم بين وطن ومؤسسات ومجتمع.
لحسن الحظ أن المؤسسة الملكية حاضرة. هي الحصن الأخير.
لكن من سوء الحظ أن الكثيرين، ممن يفترض أنهم ذاك الغشاء الواقي، تراجعوا إلى الخلف، كما لو أنهم يتعمدون الإحراج.
لسان حالهم يقول: بيناتكم.
إنها قمة الجبن.
اللحظة تفرض الكثير من الحكمة في التدبير، والكثير من النية الحسنة. وتفرض تفادي كل ما من شأنه أن يصب الزيت على النار، حتى ولو كان مسنودا بالقانون.
لكنها تفرض أيضا الانتباه إلى مكامن الخلل.
الخطر، والخلل، الحقيقي أيضا، ليس أن تستمر الاحتجاجات في الحسيمة، أو في غيرها، بل هو هذه الحقيقة المفزعة التي صارت تتبناها نخبة البلاد: تفوت غير الراس وتجي فين بغات.
في التفاعل مع ملف الحسيمة هناك أشكال من التعامل، فالدولة، مثلا، اختارت مقاربتها، أو مقارباتها، لكنها، وهذه هي الحقيقة، بدت معزولة. انطبق عليها مثل “نهار احتاجيتك أوجهي قمشوك المشاش”.
ما كاينش على من تعول.
الكثيرون انفضوا من حولها بكثير من الجبن. اذهبا أنت وربك فقاتلا. في العلن هناك شيء من التعبير عن القلق (في إطار المذهب البانكيموني)، وفي السر الكثير من التشفي.
خليهم منهم ليهم.
السياسيون توزعوا بين عاجز ومتفرج ومقتنص للفرصة بحثا عن “رد الصرف”.
من أعطاب البلاد نخبتها.
أغلب السياسيين ينخرطون في الولائم فحسب، وفي أوقات الشدة يجدون لأنفسهم الأعذار للتواري. وحكاية استقلالية القرار الحزبي مجرد أسطورة لتبرير العجز.
اللي رجل كيبقى رجل، ويوم كان السياسيون سياسيين حقا لم تمنعهم الاغتيالات والمنافي وأحكام الإعدام من الحفاظ على استقلالية قرارهم، وإن انحنوا مرة لعاصفة فمن باب التكتيك أو المصلحة العليا للوطن.
لا قياس مع وجود الفارق طبعا.
أما المثقفين فلا يبدون معنيين بما يحدث في بلدهم. كثير منهم يفضل التأمل من بعيد، وبعضهم يحترف النحت على الخشب. وبعضهم، ممن قرر الإدلاء بدلوه في السياسة ومنعرجاتها، يفعل ذلك بتصريف كثير من المواقف النفسية، فلا تجد في كلامه إلا كثيرا من الشماتة.
كاين اللي ما كرهش تشعل باش يتسمى عندو الحق.
إنها الأنانية المريضة.
السياسيون والمثقفون يشتركون في نقطة واحدة، في السابق كانوا يؤثرون في الرأي العام، لكن الرأي العام صار هو الذي يؤثر فيهم، بل يسيرهم ويجرهم ويضطرهم إلى مجاراته، خاضعين لديكتاتورية الشارع والفايس بوك.
ولأن “الجمهور عايز كده” فإنهم يعزفون على هذا الوتر/ الموضة بكثير من السادية الفكرية.
والنتيجة كثير من الضجيج، وكثير من الفوضى، واللي دوا يرعف… غير فالفايس بوك لحسن الحظ!
الله يخرج العاقبة على خير.

#مجرد_تدوينة