كلثوم بودهر-صحافية متدربة
في زمن أصبح فيه الجمال معيارا يقاس به القبول الاجتماعي والفرص الشخصية، اجتاحت موجة التجميل العالم بقوة، وأصبحت عمليات التجميل وما يصاحبها من “فيلر” و”بوتوكس” عنوانا بارزا في قائمة الحلول السريعة لتحسين المظهر. لكن، ما الذي يدفع اللجوء إلى هذه التقنيات؟ هل هو البحث عن الثقة بالنفس أم مجرد تأثر بصور مثالية يروج لها المشاهير عبر منصات التواصل الاجتماعي؟ بين الواقع والصورة، نجد أنفسنا أمام ظاهرة تستحق التوقف عندها لفهم أبعادها الاجتماعية والنفسية.
الواقع و الصور
في سياق هذه الظاهرة، تبرز العديد من الحالات… أشخاص قرروا تحسين مظهرهم بناء على معايير الجمال التي تروج لها هذه المنصات.
(ز.ر) إحدى هذه الحالات، كشفت لموقع “كيفاش” أنها كانت تعاني عدم الرضا من شكل شفتيها، وقالت: ” ما كنتش راضية على شكل الشفتين ديالي ولكن مني شفت البنات على مواقع التواصل كيديروهاد النوع من الحقن ديال فيلر قلت علاش حتا انا منديروش” ، وأضافت: “مني درت الفيلر عجبني الحال و لقيتو كيناسبني بزاف وكون ماعجبنيش كنت غادي ندوبو”.
هذا التحول يسلط الضوء على تأثير منصات التواصل الاجتماعي في تشكيل معايير الجمال، و دور المؤثرات في توجيه هذا التحفيز.
تأثير منصات التواصل
في الوقت الذي اختارت فيه (ز.ر) تغيير مظهرها بعد التأثر بما تراه، نجد أن المؤثرات على هذه المنصات يحاولن أن يكن أكثر وعيا بمسؤولياتهن تجاه متابعيهن.
لمياء صامد الملقبة ب “زوبيدة” على مواقع التواصل الاجتماعي، في تصريحها لـ “كيفاش” ترى دورها كمؤثرة يتجاوز مجرد مشاركة النصائح أو التجارب الجمالية فقط.
وقال لمياء: ” كنشوف دوري كمؤثرة بالدرجة الأولى يكون صوت إيجابي كيدفع البنات يبغيو راسهم و يثيقو في جمالهم الطبيعي حيث عارفة مزيان ثأثير شنو كنقول على متتبعاتي سواء حسيت بيه ولا لا”.
لمياء التي تحظى بمتابعة آلاف الفتيات على منصاتها، أكدت أن هدفها هو تشجيع متابعيها على تقبل جمالهن بعيدًا عن ضغط الفلاتر والحقن والمظاهر المثالية التي يروج لها البعض وتؤمن أن الضغط الاجتماعي لاتباع معايير الجمال المثالية قد يؤثر على صحة الأفراد النفسية بشكل كبير، ما دفعها إلى اتخاذ موقف مغاير، والعمل على نشر رسائل تحث على تقبل الذات بكل ما فيها من عيوب.
وأبرزت لمياء، أن ” من بين الأمور اللي كنركز عليها أكثر في المحتوى ديالي هو أنني ما كنستعملش الفيلترات نهائياً فستوريز، وكنطلع نهضر بكل بساطة وبدون مكياج، ومعنديش أدنى مشكل فذلك. وحتى فالحالات اللي كنكون دايرة شوية ديال الماكياج، كنخليه بلا فيلتر، باش نوضح أن الجمال الطبيعي هو أمر عادي وماشي حاجة خاصها تكون مخبّاة أو مغطّاة”
قبول الذات
إلى جانب ما ذكرته لمياء، يبرز الأخصائي النفسي مهدي غازي بعدًا آخر للمسألة خلال حديثه ضمن حلقة اليوم الخميس (19 دجنبر)، من برنامج “رياكشن” على إذاعة “ميد راديو”.
وقال غازي: “بزاف ديال البنات اليوم كيعتامدو على الطرق التجميلية لتغيير المظهر اوالفلاتر كوسيلة باش تبقى راضية على راسها، إلا بغات غير تشوف راسها في كاميرا كتدير الفيلتر”.
وتابع غازي أن “هذه الظاهرة تشير إلى وجود مشكلة أعمق تتعلق بقبول الذات، حيث يتأثر الأفراد أكثر بتصورات الجمال المعروضة عبر المنصات، ما يؤدي إلى فقدان الثقة في الشكل الطبيعي”.
وأضاف الخبير: “ليس الجمال فقط هو الذي يخضع للتغيير، بل أصبح الرضا النفسي يعتمد على صورة غير حقيقية ما يعكس تطورا سلبيا في مفهوم الجمال، حيث يطغى المثال المثالي على القبول الذاتي”.