• مصر.. حاتم عمور في ضيافة السفير المغربي
  • الإعدام لـ”ولد الفشوش” قاتل الشاب بدر.. آش قالو المغاربة؟
  • بعد مرور سنوات على استقرارها في كندا.. سناء عكرود تعود للعيش في المغرب
  • “جازابلانكا”.. الفرقة البريطانية الشهيرة “UB40” تحتفل بعيد ميلادها ال45 رفقة جمهور البيضاء
  • إجراءات جديدة.. وزارة الثقافة تحصن التراث المغربي ضد السطو
عاجل
الخميس 02 مارس 2017 على الساعة 09:54

البلوكاج الحقيقي…

البلوكاج الحقيقي… رضوان الرمضاني facebook.com/ridouane.erramdani
رضوان الرمضاني facebook.com/ridouane.erramdani

 

مهما كانت أسبابه، ومهما كانت هوية المتسببين فيه، ومهما طال وقته وأمده، ومهما تعقدت معادلته ومخارجه، ومهما تشابكت خيوطه، ومهما عاندت وتعاندت أطرافه، ومهما اختلط خيطه الأبيض بخيوطه السوداء، ومهما أثار من جدل وكلام، ومهما أسال من مداد ومن لعاب، ومهما ضيع علينا من وقت ومن فرص، ومهما جعل بعض الأجانب يتحدثون عنا بسوء، ومهما أخرج علينا من محللين محصنين وقراء فناجين ودجالين وسماسرة ديمقراطية مدعين الاطلاع على الأسرار والسرائر وفهم الأمور بالغمز، ومهما فرق ومهما جمع، ومهما أغاض ومهما أثار، ومهما… ومهما… ومهما… سيظل لحظة قصيرة عابرة في عمر السياسة الطويل، وسيصير، بعدما تنقشع هذه الغيمة، مجرد ذكرى، مثلما صارت حوادث أخرى مماثلة مجرد ذكريات يرويها شيوخ السياسة، أو تروى عنهم، بأمانة أو بشيء من التحريف أو الزخرفة والنقش.
لا داعي للتهويل، فحتى في علاقات الحب، وهي التي لا تنبني عادة على منطق اقتسام الكعكة ولا على منطق الغنيمة، يحدث البلوكاج، لكنه يصير، بعد أن يتصالح الأحبة، مدعاة للتندر لا أكثر. لهذا السبب، أو القاعدة، لن يكون غريبا أن يلتقي، يوما، “بطلا” البلوكاج، عبد الإله ابن كيران وعزيز أخنوش، ومعهما آخرون، على جلسات كعب غزال، يمازحان بعضهما بـ”واش عقلتي آش درت ليك؟؟؟” و”كي جيتك فصاحبك؟… عبرت عليه ياك؟” و”ناري شحفتك والله يلا بقيتي فيا؟” و”ناري ما تشديتش ليك وعييتي ما تنوعر”، فتتلو كل عبارة قهقهة “عملاقة” من تلك المعروف بها رئيس الحكومة.
مهما قيل، ورغم أن الكثير لم يقل بعد، يظل البلوكاج الحكومي واقعة عابرة في حقل السياسة المغربية العابسة. وإذا كان استمراره لا يفيد طبعا، فإن انتهاءه هو الآخر ليس حلا ولا يعني الخلاص. البلوكاج الحقيقي، الممتد والمخيف والداعي حقيقة إلى القلق، هو ذاك الذي يشل هذا المشهد السياسي، بكافة تلاوينه تقريبا، المشهد المعتل، القاصر، المبهم، بمكونات أياديها قصيرة وأعينها قصيرة أيضا.
في البناء الديمقراطي، مهما كان “الطابق” الذي وصلته الأشغال، يكون دور الأحزاب أشبه بدور خشب البناء، وكلما كان الخشب هشا، تآكل وسطه أو أطرافه بسبب الرطوبة، أو بسبب كثرة الاستعمال وحوادث الانكسار في الأوراش، كلما ارتفع خطر انهيار ما يبنى حتى قبل أن يجف.
بعض الأحزاب يتعامل مع البناء الديمقراطي بمنطق وجبة الكسكس في يوم “الضالا”، ينتظر الفرصة ليأكل فقط، ويراقب البناء من قريب أو من بعيد، ولا يدخل الورش إلا حين يقترب موعد الوجبة، ليس لأنه غير راغب فحسب، بل ربما لأن لياقته البدنية لم تعد تسمح له بـ”ضريب تمارة”، لذلك يفضل “الاستراحات الديمقراطية”.
البلوكاج الحقيقي هو أن تفقد الأحزاب المتصارعة على الكعكة الحكومية السلطة على الشارع، فيصير في البلد شعبان، شعب ناخب وشعب ناحب، الأول يصوت في الانتخابات ليختار ممثلين، إما إيمانا بهم أو طمعا فيهم، والثاني يصوت على هؤلاء، والتصويت هنا بمعناه في الدارجة المغربية.
البلوكاج الحقيقي هو أن يخرج متظاهرون في الحسيمة فيتدخل وزير الداخلية ليطفئ الغضب، فيما ممثلو الشعب منهمكون، في الرباط، في مناقشة “البلوكاج الحكومي: واقع وآفاق”.
البلوكاج الحقيقي هو أن تغرق مدينة مثل سلا بسبب ساعات قليلة من المطر، فيجف “الوحل” وتجف معه الدعوات إلى المحاسبة، فتسجل الشكوى، كما العادة، ضد القضاء والقدر.
البلوكاج الحقيقي هو أن الأحزاب تتحدث عن الشعب، وعن ثقة الشعب، لكنها لا تعود إلى الشعب إلا حين تحتاج إلى الشعب… أما إن احتاجها الشعب وجدها مشغولة بالبحث عن مصلحته، وبالدفاع عنه، في مكان آخر… لا يوجد فيه الشعب!!

#مجرد_تدوينة