عبد المجيد كيكوي وتبون كيبخ، واحد كيشرق ولاخر كيغرب، وهاد الشي اللي خلا الجزائر ما مستقرة فحتى مجال، وآخر هاد التسطية ديال استيراد الأغنام. كيفاش؟
عندما تحدث تبون في نونبر 2024 عن ضرورة وقف استيراد اللحوم وأعلاف المواشي، كنا نظن أن الجزائر على وشك تحقيق الاكتفاء الذاتي، وأن تتحول إلى “قوة ضاربة” في إنتاج النعاج وتصبح سلعة استراتيجية مثل النفط. قالها الرئيس تبون بكل ثقة: “من غير المعقول أن نستورد اللحم والعلف في نفس الوقت!”، وكأن المنطق الاقتصادي ينهار إن اجتمعا معا في قائمة الواردات.
لكن، يبدو أن اللا منطق عند تبون والجنرالات هو الأساس، إذ ظهر الرجل نفسه، اليوم الأحد 9 مارس، وهذه المرة ليس بصفته قائدا لـ”حملة الاكتفاء الذاتي”، بل كـ“كبير مستوردي المواشي”، وأعلن أنه على الدولة أن تستورد مليون رأس من الأغنام تحسبا لعيد الأضحى. لا ندري ماذا تغير، هل قررت الأغنام شن إضراب عن التكاثر؟ أم أن الجزائر اكتشفت أن لديها اكتفاء ذاتيا من التصريحات الفارغة فقط؟
القرار الجديد لم يتوقف عند الاستيراد فقط، بل الدولة نفسها ستتكفل بالعملية، وكأن الجزائر تحولت إلى تاجر جملة في سوق المواشي. تعاونيات، وسقف أسعار، وبيع عبر الشركات والخدمات الاجتماعية… تبون لم يترك طريقة إلا وفكر فيها، إلا طريقة بسيطة جدا: أن يلتزم بكلامه وتصريحاته كرجل دولة!
ربما هناك تفسير آخر لهذا التناقض، تبون لا يعاني من مشكلة في المبادئ، بل لديه ذاكرة سمكة، كل بضع أيام يبدأ من الصفر وكأن شيئا لم يكن. في نونبر كان ضد الاستيراد، في مارس أصبح زعيم المستوردين. لا تستغربوا إذا خرج علينا في يونيو ليعلن عن مشروع قومي لإنتاج اللحوم المحلية، ثم في دجنبر يطلب استيراد النعاج.
تناقضات الجنرالات
تناقضات عبد المجيد تبون ليست سوى مرآة لنهج النظام العسكري الجزائري، الذي يسير وفق قاعدة واحدة “لا مبدأ ثابت إلا التناقض”. نظام يُعلن الحرب على الاستيراد في الصباح، ثم يفتح أبواب الخزينة لشراء المواشي في المساء. يرفع شعار الاكتفاء الذاتي عندما يخاطب الفلاحين، ثم يتحول إلى سمسار دولي في سوق اللحوم عندما يقترب عيد الأضحى.
هذا هو نفس النظام الذي يتباهى بالقوة العسكرية بينما يعجز عن ضبط أسعار البطاطا، يهاجم فرنسا نهارا، ثم يستورد منها القمح والأسلحة ليلا، وكأن البلاد تدار عبر مزاجية اللحظة بدلا من التخطيط والرؤية.
نظام عسكري يعتقد أن الشعارات يمكنها أن تطعم الشعب، وأن الخطابات الحماسية يمكنها أن تملأ الأسواق، لكن الحقيقة أن الجزائر أصبحت رهينة التناقضات، داخليا وخارجيا.