[email protected]
وبنفس القدر، يبدو رئيس الحكومة غير عابئ بتهديدات خصومه الحزبيين، فهم، ومهما كثر «ضجيجهم»، يعتبرهم غير قادرين على مواجهته في الشارع، والأكثر من ذلك، ينظر للكثيرين منهم على أنهم مجرد أدوات مسخرة، وكائنات تتحرك بتوجيهات من خلف الستار، إنها باختصار بدون شعبية ولا استقلالية، تلوح بالعض لكنها، وحتى وإن انفلتت من عقالها، لا تتوفر على مخالب أو أنياب.
وفي كل مرة يكشف رئيس الحكومة عن ازدراء كبير لوسائط صناعة الرأي العام، فالجرائد بالنسبة إليه مأجورة، والتلفزة العمومية تخدم أجندات مجهولة، وحتى الحركات الاجتماعية من عاطلين ونقابات هم أعضاء كاملي العضوية في نادي «التماسيح والعفاريت». ومن يدري، فقد يأتي يوم يسير فيه على نهج الرئيس المصري محمد مرسي، ويعلن الحرب على القضاء.
ماذا بقي بعد ذلك؟ أو ماذا يريد ابن كيران بالضبط؟ الجواب يوجد في مفهومين لا يفارقان خطابات ابن كيران في الصحافة والتجمعات الانتخابية، «الثقة الملكية» من جهة، ومن جهة ثانية «عودة الحراك الشعبي اللي باقي ما مشاش وما زال غير كيضور ودابا يرجع».
باختصار شديد يريد ابن كيران تعاقدا بين حزب العدالة والتنمية والمؤسسة الملكية. وهو بذلك يكشف عن أنه مازال يعتبر الملك طرفا في المعادلة السياسية وليس حكما يرأس الدولة، وبتعبير أكثر لطفا، إنه يريد حماية ملكية في مواجهة خصومه ومعارضيه ومنتقذيه. فبالسنة إليه لاتهم ثقة البرلمان، ولا التوافق مع الأحزاب، ولا التجاوب مع مؤاخذات الشارع، ما يهم ابن كيران هو أن يكون الملك في صف حزب العدالة والتنمية، وإن لم يفعل فإن «الحراك الشعبي» سيعود ولن يوقفه خصومه وهو يسعى لإسقاط النظام.
ألسنا هنا إزاء منطق للابتزاز السياسي؟ ألسنا إزاء حزب يطلب أن يأخذ الدولة كرهينة مكافأة له على وقوفه في وجه حركة 20 فبراير؟ لست أدري، لكن ربما يكون الوقت قد حان، بعد أزيد من سنة ونصف من الممارسة الحكومية، كي يعيد ابن كيران قراءة الدستور، ويعيد قراءة وتركيب صورة المشهد السياسي، فحتى وقد وضع نظارات طبية، ما زالت رؤيته ضبابية، وما زال كثير النظر إلي الماضي.