[email protected]
بإعلان التجمع الوطني للأحرار، والأصالة والمعاصرة رفضهما تعويض الاستقلال في الحكومة، أصبحت خيارات التحالفات الممكنة ضيقة جدا أمام رئيس الحكومة وحزب العدالة والتنمية. فوحده الاتحاد الدستوري يبدو قطعة الغيار الممكنة إلى حد ما.
لكن دخول الاتحاد الدستوري إلى الحكومة لن ينقذ حكومة ابن كيران من أن تكون حكومة أقلية، فبالاستناد إلى ما يقارب 181 مقعدا في مجلس النواب ، سنكون إزاء أغلبية مقلصة تواجه معارضة موسعة تتكون من أربع أحزاب كبرى وتتوفر على نحو 198 من الأصوات.
في مثل هذه الحالة ستصبح الحكومة رهينة الأغلبية المعارضة في مجلس النواب، وفي النتيجة ستكون جميع المشاريع الحكومية رهينة تصويت المعارضين. إنها حالة «البلوكاج» في العلاقة بين الجهازين التنفيذي والتشريعي. وسنكون إزاء حالة يستحيل فيها التعايش بين أغلبية المشرعين وأقلية المنفذين، ولن يكون حل الأزمة إلا في إجراء انتخابات سابقة لأوانها.
الانتخابات السابقة لأوانها حل دستوري، لاإشكال في ذلك، لكن كلفتها السياسية والزمنية والاقتصادية مرتفعة، ولذلك فقد حرص عبد الإله ابن كيران نفسه على التأكيد على أن مصلحة المغرب لا توجود في اللجوء إلى مثل هذه الانتخابات.
ما الحل إذن في ظل عدم إمكانية التعايش بين حكومة أقلية وأغلبية معارضة؟ وفي ظل عدم إمكانية اللجوء إلى انتخابات سابقة لأوانها؟. إننا، والحالة هذه، في قلب السؤال عن مدى إمكانية السير العادي للمؤسسات الدستورية.
هذا الأفق الذي تلوح به الأزمة الحكومية بعد قرار الإستقلالين الانسحاب من الحكومة، هو ما يعطي قيمة استراتيجية لتفعيل العمل بمقتضيات الفصل 42 من الدستور. إن الملك حين يتدخل في مثل هذه الحالات، لا يتدخل من أجل مصادرة استقلالية القرار السيادي الحزبي، بل من أجل ضبط تأثير القرار الحزبي على الدولة ومؤسساتها، فعند هذا المستوى يمارس الملك وظيفة التحكيم بين الفرقاء الحكوميين، حتى لايتحول الصراع الحزبي إلى عائق أمام السير العادي للمؤسسات الدستورية.
إن الطريقة التي تم بها استعمال الفصل 42 من الدستور هي أسلوب لاستباق الأزمة، أما اللجوء إلى الفصل 47 أولا ثم العودة إلى الفصل 42 فكان سيكون عبثا في تدبير استقلالية القرار الحزبي وتدبير سير الدولة.