نظم مختبر “المغرب والعالم الخارجي: التاريخ والمجتمع والتراث” بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك، جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، مؤخرا، ندوة وطنية بعنوان “البحث التاريخي والبيوغرافيا: مقاربات منهجية وتجارب بحثية”.
وشهدت الندوة مشاركة واسعة من الباحثين والطلبة المهتمين بمجال التاريخ والبيوغرافيا، حيث ناقشوا أهم القضايا والإشكاليات المنهجية المتعلقة بهذا النوع من البحث التاريخي.
افتتحت الندوة بكلمات ترحيبية من عميد الكلية، إبراهيم فدادي، ومدير المختبر، خالد سرتي، ورئيس شعبة التاريخ والحضارة، عمر لمغيبشي.
وفي هذا اللقاء ألقت الطالبة الباحثة هاجر كريم كلمة باسم اللجنة التنظيمية.
واستهلت الجلسة الافتتاحية بمحاضرة قدمها الدكتور الطيب بياض بعنوان “كتابة تاريخ الزمن الراهن: إشكالات إبستمولوجية وضوابط علمية وقواعد أخلاقية”، حيث ركز على التحديات التي تواجه المؤرخ في تعامله مع الأحداث الراهنة، وأهمية الالتزام بالموضوعية والأخلاقيات العلمية في التوثيق والتحليل.
في الجلسة الأولى، التي حملت عنوان “البيوغرافيا التاريخية: المفهوم والأسس المنهجية”، تمت مناقشة مجموعة من القضايا المرتبطة بالمفهوم والأسلوب في الكتابة البيوغرافية. تحدث الباحث نبيل الطويهري عن الطبيعة الهجينة للبيوغرافيا وضرورة إدماجها بالمفاهيم الاجتماعية والأنثروبولوجية، مع العناية بالجانب الأدبي.
أما هاجر كريم، فقد تناولت العلاقة بين السرد الأدبي والسرد التاريخي في البيوغرافيا، مشيرة إلى الفروقات الجوهرية في الأهداف والوسائل بين المؤرخ والأديب. من جانبه، استعرض يونس بوحسين كيفية توظيف البيوغرافيا في التعليم الثانوي، من خلال نموذج السلطان مولاي سليمان، مشدداً على ضرورة تكييف التعليم مع المعطيات الحديثة.
الجلسة الثانية ركزت على مقاربات بيوغرافية وتحليلات منهجية، حيث تضمنت مداخلات حول أهمية دراسة الجماعات والنخب باستخدام المنهج البروسوبوغرافي.
وتحدث توفيق أيت بوشكور عن تحليل فكر عبد العزيز بلال عبر المنهجية البيوغرافية، مبرزاً أبعاداً جديدة لتاريخ التنمية بالمغرب. فيما تناول مبارك التوكي كتاب “المغرب المجهول” لمولييراس، مسلطاً الضوء على القيم الثقافية والاجتماعية في شمال المغرب خلال القرن التاسع عشر. أما يوسف الزيات، فقد قدم دراسة عن النخب التطوانية في فترة الحماية، مقترحاً استخدام منهجية تحليل الخطاب لتعميق البحث.
الجلسة الأخيرة خصصت لعرض تجارب بحثية تطبيقية، حيث قدم المشاركون أمثلة عملية عن كيفية الاستفادة من البيوغرافيا في دراسة التاريخ الاقتصادي والاجتماعي والسياسي. وقد ساهمت هذه العروض في إبراز أهمية التنوع المنهجي في دراسة التاريخ وربط الماضي بالحاضر عبر فهم أعمق للشخصيات والجماعات التاريخية.
واختتمت الندوة بتوصيات دعت إلى تعزيز البحث في البيوغرافيا كأداة لفهم التاريخ، وتشجيع التعاون بين التخصصات المختلفة، والاستفادة من المناهج الحديثة لتحليل الشخصيات والأحداث التاريخية. كانت الندوة فرصة مميزة لتبادل الخبرات وتعميق النقاش حول موضوع البيوغرافيا، مما يعزز قيم الابتكار العلمي والبحثي في مجال الدراسات التاريخية.