اعتبر راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، أن منظومة الحماية الاجتماعية “حققت نجاحات هامة وملموسة، لكنها ما تزال تواجه عدة تحديات وإشكالات”.
وقال الطالبي، في كلمته افتتاح أشغال الدورة التاسعة للمنتدى البرلماني الدولي للعدالة الاجتماعية والمجالية، اليوم الاثنين (17 فبراير)، في مجلس المستشارين، “لقد نجحت بلادنا بشكل كبير في توفير الإطارات الدستورية والتشريعية والمؤسساتية والتنظيمية لتدبير الحماية الاجتماعية بمختلف أشكالها. وأكثر من ذلك، والأساسي، أنها تتوفر على إرادة أكيدة في تطوير منظومتها الحمائية، وفي مقدمتها إرادة ورعاية صاحب الجلالة نصره الله ورؤيته الاجتماعية للتنمية”.
وأوضح أنه من خلال النصوص التشريعية، بين مشاريع ومقترحات قوانين التي صادق عليها البرلمان المغربي منذ 1970، والمتعلقة بالحماية الاجتماعية، والبالغ عددها 138 نصا، منها 28 قانونا خلال الولاية الحالية، بين تعديلات جوهرية على نصوص سارية ونصوص تأسيسية، تتبين الأهمية المركزية لمنظومة الحماية الاجتماعية في التشريع الوطني وفي السياسات العمومية.
واستدرك الطالبي قائلا: “ومع ذلك، فإن هذه المنظومة، التي حققت نجاحات هامة وملموسة، ما تزال تواجه عدة تحديات وإشكالات، ومن بينها تحدي وإشكال التمويل ومصادره، وتواضع الموارد مقابل الطموحات والحاجيات، والارتفاع المتزايد لأعداد المحتاجين إلى الحماية الاجتماعية؛ مما يتطلب الإبداع والاجتهاد في طرق ومصادر التمويل خاصة من خلال التضامن بين الأجيال وبين الفئات، وجعل عائد مدخرات مساهمات ذوي الدخل في الصناديق الاجتماعية منتجة، وذات مردودية، وقادرة على تغطية نسب أكبر من اعتمادات الإنفاق على الحماية الاجتماعية”.
وأشار المتحدث إلى أنه إذا كانت نسبة 55% فقط من كلفة تعميم الحماية الاجتماعية، هي التي تتأتى من مساهمات الأفراد، فإن المجهود العمومي لتمويل الحصة المتبقية، بقدر ما يبرهن على الابتكار في إيجاد الحلول، وفي هندسة إنفاق المداخيل العمومية، وعلى أن بلادنا هي في الطريق الصحيح، بقدر ما يستدعي منا توسيع قاعدة المساهمات، توخيا لاستدامة المنظومة وتقوية أسسها وتجويد مردوديتها.
ومن بين التحديات التي ذكرها الطالبي تحدي وإِشْكال الاستدامة، خاصة بسبب التحولات في الهرم الديموغرافي، مما يتسبب في اختلالات بين حجم المساهمات وقاعدة المستفيدين من الحماية الاجتماعية، سواء تعلق الأمر بالتقاعد أو التغطية الصحية أو الدعم الماليللفئات المستحقة، إضافة إلى تحدي وإشكال الهندسة المؤسساتية للهيئات والصناديق التي تدبر الحماية الاجتماعية والتدخلات العمومية في المجالات الاجتماعية، مما قد يؤثر على مردودية التضامن باعتباره قيمةً حاكمة ومركزية في الحماية الاجتماعية، ويجعل أثرها دون الطموحات.
واعتبر الطالبي أن “ما تحقق في مجال تعميم الحماية الاجتماعية وحرص الجميع على استمرار نجاعة المنظومة، يتطلب تعزيز الحكامة الجيدة التي تضمن الولوج إلى مختلف الخدمات بشكل متيسر، والشفافية في التدبير، والتواصل مع المواطنين، وهو ما تشجعه اليوم التكنولوجيا الرقمية، وحرص مختلف المؤسسات والفاعلين على تقدير نُبل الحماية الاجتماعية كمنظومة للتضامن الوطني والاجتماعي. وبالتأكيد فإن هذه الحرص والتتبع هو ما أنتج اليوم حصيلة جد إيجابية في أداء المنظومة، ومردوديتها على الرغم من حداثتها”.
كما ينبغي، يوضح رئيس مجلس النواب، “فب مقابل توسيع قاعدة المستفيدين من الحماية الاجتماعية، توفير بنيات التكفل والاستقبال وتجويد الخدمات، حتى يلمسَ المواطنُ أثرَ الحماية المكفولة له. وتسير الاستثمارات العمومية الكبرى المنجزة أو الجاري تنفيذها، خاصة في مجال البنيات الاستشفائية، الكبرى والمتوسطة والصغرى، في هذا الاتجاه. كما أن عزم بلادنا على ضمان أمنها وسيادتها الدوائية وتنويع عروض التكوين في مجال الصحة، يتساوق مع أهداف التعميم والتجويد”.
وختم الطالبي كلمته بالتأكيد على أن “الحماية الاجتماعية، باعتبارها مشروعا ملكيا، ليست مرتبطة، بالولايات الحكومية أو التشريعية، وإنما هي مشروعٌ وطني، وطموحُ أمة، ينجز بفضل العناية والرعاية الملكية، وينفذ من قبل السلطات العمومية وفق الرؤية الحصيفةِ لصاحب الجلالة؛ وينبغي أن نتعبأ جميعا من أجل إنجاحه وضمان استدامته وجودته”.